الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد : امبراطورية نهبت اقتصاد سوريا

الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد : امبراطورية نهبت اقتصاد سوريا

من معاقلها في التلال الوعرة المطلة على دمشق، استنزفت الفرقة الرابعة، بقيادة ماهر الأسد، الاقتصاد السوري عبر شبكة واسعة من الفساد والنهب، ما جعلها قوة اقتصادية موازية داخل النظام. وبعد سقوط حكم الأسد، تعرضت العديد من مقار هذه الوحدة السيئة السمعة للنهب، إلا أن الوثائق التي تُركت خلفها كشفت تفاصيل حياة البذخ التي عاشها ماهر الأسد والمقربون منه، بينما كان جنوده يعانون من الفقر المدقع.

الفرقة الرابعة: مافيا داخل الدولة

كشفت الوثائق التي حصلت عليها وكالة “فرانس برس” كيف توسعت سيطرة الفرقة الرابعة على مختلف قطاعات الاقتصاد، بدءًا من تجارة الكبتاغون التي تقدر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار، مرورًا بفرض الأتاوات على المعابر الحدودية، وصولًا إلى الاستيلاء على الممتلكات الخاصة. كما انخرطت في تجارة التبغ والمعادن ونهب الموارد من المناطق التي دمرتها الحرب.

الأنفاق والخزنات السرية

كان مقر ماهر الأسد الرئيسي مبنيًا فوق شبكة معقدة من الأنفاق تحت جبل يعلو دمشق، بعضها كبير بما يكفي لمرور شاحنات. وبعد سقوط النظام، دخلت قوات المعارضة إلى المقر ونهبت الخزنات، حيث عُثر على صناديق ساعات رولكس وكارتييه فارغة، لكن لم يُعرف ما إذا كانت الأموال قد سُرقت قبل اقتحام المقر.

في إحدى الغرف المحصنة، كشفت وثائق الحسابات عن وجود سيولة نقدية هائلة حتى يونيو 2024، تضمنت 80 مليون دولار، و8 ملايين يورو، و41 مليار ليرة سورية. كما أظهرت السجلات أن الفرقة الرابعة احتفظت بمبالغ ضخمة بشكل منتظم.

يرى الباحث في معهد “كارنيغي” خضر خضور أن هذه الأموال ليست سوى جزء صغير من الثروة الحقيقية لماهر الأسد وأعوانه، والتي يعتقد أنها مخبأة في دول عربية وإفريقية. فقد كانت الفرقة الرابعة بمثابة “آلة طباعة أموال” في بلد يعيش أكثر من 90% من سكانه تحت خط الفقر.

نفوذ لم تقيده العقوبات

على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة على ماهر الأسد، لم تتأثر شبكته الاقتصادية وظل رجاله يكدّسون الثروات عبر طرق غير شرعية. ووفقًا للعميد السابق في الفرقة الرابعة عمر شعبان، كانت هذه الوحدة العسكرية “دولة داخل الدولة” تمتلك مواردها الخاصة وتفرض سلطتها بالقوة.

الرفاهية مقابل الفقر المدقع

عاش ماهر الأسد ومقربوه حياة فارهة، حيث امتلكوا قصورًا وسيارات فاخرة في حين كان جنوده يتسولون لتأمين قوت يومهم. في وثيقة تم العثور عليها، طلب جندي مساعدة مالية بسبب وضعه المعيشي المزري، فحصل على 500 ألف ليرة سورية فقط (حوالي 33 دولارًا حينها)، بينما كانت نفقات قادة الفرقة تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات شهريًا.

سقوط الفرقة الرابعة ومستقبل غامض

على الرغم من  انهيار الفرقة الرابعة رسميًا، يحذر الخبراء من أن تأثيرها لم ينتهِ بعد، حيث يحتفظ الموالون للنظام السابق بثروات وأسلحة مخبأة. وإذا فشلت جهود تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، فقد تشكل هذه الموارد وقودًا لتمرد طويل الأمد في المستقبل.