مقاطعة "تسلا" والهجوم السيبراني على منصة "إكس": صراع السياسة والاقتصاد في إمبراطورية ماسك

مقاطعة "تسلا" والهجوم السيبراني على منصة "إكس": صراع السياسة والاقتصاد في إمبراطورية ماسك

تشهد شركة "تسلا" ومنصة إكس (تويتر سابقاً) اضطرابات غير مسبوقة. اندلعت احتجاجات واسعة تدعو إلى مقاطعة "تسلا"، بينما تعرضت "إكس" لهجوم سيبراني واسع النطاق أدى إلى تعطلها لساعات. هذه التطورات أثارت تساؤلات عميقة حيال ما إذا كانت شركات إيلون ماسك أصبحت هدفاً مباشراً للصراعات السياسية.

مقاطعة "تسلا": تصاعد الغضب السياسي وتأثيره على المبيعات
بدأت الدعوات إلى مقاطعة "تسلا" في أعقاب تصريحات إيلون ماسك ومواقفه السياسية، إذ دعم حملة دونالد ترامب الانتخابية بمبلغ يقارب 270 مليون دولار، وأبدى تأييده لتيارات اليمين المتطرف في أوروبا، ما أثار غضب شرائح واسعة من المستهلكين، خصوصاً بين الأوساط الليبرالية في الولايات المتحدة وأوروبا.

خرجت تظاهرات أمام معارض "تسلا" في مدن مثل نيويورك، لوس  أنجليس ، لشبونة، بل امتدت إلى ألمانيا وفرنسا، شهدت صالات العرض احتجاجات غاضبة ضد ما سمّوه "تسيساً سياسياً للشركة". بعض التظاهرات تطور إلى أعمال عنف، و تعرضت محطات شحن "تسلا" للتخريب وتمت تغطية الجدران بعبارات مثل "إيلون فاشي".

اقتصادياً، ضربت المقاطعة مبيعات "تسلا" بشدة، إذ تراجعت المبيعات في أوروبا بنسبة 45% في كانون الثاني/يناير 2025، في حين خسر سهم الشركة 15.4% من قيمته خلال يوم فقط، مسجلاً أكبر انخفاض له منذ 2020، مما أدى إلى فقدان أكثر من 130 مليار دولار من قيمتها السوقية.

ترامب يتدخل لدعم ماسك وسط الأزمة
في سياق هذه الأحداث، أعلن الرئيس ترامب الثلاثاء 11 آذار/مارس 2025 أنه سيشتري سيارة "تسلا" جديدة رمزاً لدعمه إيلون ماسك، الذي يعد أكبر ممول لحملته الانتخابية وأحد أبرز مستشاريه. وقال ترامب في منشور على منصته Truth Social:
"إلى الجمهوريين، المحافظين، وجميع الأميركيين العظماء، إيلون ماسك يضع كل شيء على المحك من أجل مساعدة أمتنا، وهو يقوم بعمل رائع!"

وهاجم ترامب الدعوات إلى مقاطعة "تسلا"، واصفاَ إياها بأنها "محاولة غير قانونية ومنظمة من اليسار الراديكالي" لإلحاق الضرر بماسك وشركته، وأضاف: "سأشتري سيارة تيسلا جديدة صباح غد دليل ثقتي بإيلون ماسك ودعمي إياه، الأميركي العظيم بحق."

ماسك، الذي يشغل منصب رئيس وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE) في إدارة ترامب، رد سريعاَ على ترامب عبر منصة "إكس"، معبراً عن امتنانه لدعمه. ورغم أنه يحظى بثقة ترامب، إلا أن استطلاعات الرأي تظهر أنه شخصية غير شعبية بين الجمهور الأميركي، غذ تسببت خفوضاته الحادة في ميزانيات الوكالات الحكومية باحتجاجات متزايدة، حتى بين بعض مؤيدي الحزب الجمهوري.

هجوم سيبراني على منصة "إكس": تصعيد جديد في معركة النفوذ؟

وسط تصاعد التوتر حول "تسلا"، تعرضت منصة "إكس" في 10 آذار / مارس 2025 لهجوم إلكتروني واسع أدى إلى توقفها ساعات عدة. ووصف ماسك الهجوم بأنه "أعنف هجوم سيبراني على المنصة منذ سنوات"، مشيراً إلى أن الجهة المنفذة ربما تكون دولة أو مجموعة منسقة تمتلك موارد كبيرة.

لاحقاً، لمّح إلى أن أوكرانيا قد تكون طرفاً في الهجوم، مؤكداً أن "مصدر حركة البيانات المشبوهة جاء من عناوين IP مرتبطة بأوكرانيا". ومع ذلك، نفى خبراء الأمن السيبراني وجود دليل قاطع على تورط كييف، موضحين أن الهجوم جاء من مصادر متعددة عالمياً، بما في ذلك الولايات المتحدة وفيتنام والبرازيل.

إيلون ماسك: رجل أعمال أم شخصية سياسية مثيرة للجدل؟
تشير هذه الأحداث إلى أن ماسك لم يعد مجرد رجل أعمال، بل تحول إلى شخصية سياسية ذات نفوذ واسع، مما جعله هدفاً رئيسياً لخصومه. دعمه للتيارات اليمينية، بالإضافة إلى دوره في إدارة الحكومة الأميركية على رأس  وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE) في عهد ترامب، زاد من حدة الصراع حوله.

في المقابل، يرى بعض المحللين أن مقاطعة "تسلا" والهجوم على "إكس" قد يكونان جزءاً من حملة منظمة ضد ماسك، الذي أشار إلى تورط ممولين ديموقراطيين مثل جورج سوروس وريد هوفمان في تمويل الاحتجاجات ضده، إلا أن هذه الادعاءات تظل غير مثبتة.

تراجع "تسلا" في الأسواق العالمية
فيما تعمقت الأزمة السياسية حول ماسك، شهدت أسهم "تسلا" انخفاضاَ حاداَ بأكثر من 15% الاثنين 10آذار/ مارس 2025، ما أدى إلى انهيار ثقة المستثمرين. كما أن المبيعات في السوق الأوروبية تراجعت بشكل كبير، حيث انخفضت مبيعات "تسلا" في ألمانيا بنسبة 76% في شباط / فبراير 2025، مما يعكس رفض المستهلكين الأوروبيين لارتباط ماسك بالأحزاب اليمينية المتطرفة.

إضافة إلى ذلك، تعرضت منشآت "تسلا" لهجمات تخريبية، كان أبرزها حرق 12 سيارة في أحد المعارض في فرنسا، في واقعة اعتبرتها السلطات هجوماَ متعمداَ.

ماذا بعد؟
يبدو أن تسييس إمبراطورية ماسك التكنولوجية أصبح أمراً لا مفر منه، بحيث باتت شركاته – ولا سيما منها "تسلا" و"إكس "– ساحة مواجهة بين القوى الليبرالية واليمينية في العالم. وبينما يحظى ماسك بدعم ترامب والمحافظين، يواجه مقاومة شرسة من النخب السياسية والاقتصادية الليبرالية.

تظل الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كان ماسك قادراً على التعامل مع تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية، أم أن هذه المواجهة ستؤدي إلى تغييرات جذرية في استراتيجيته التجارية والسياسية؟