فؤاد السنيورة... رجل دولة ينعى البابا بلغة السلام: بيانٌ واحد هزَّ جدران الطائفية

فؤاد السنيورة... رجل دولة ينعى البابا بلغة السلام: بيانٌ واحد هزَّ جدران الطائفية

في زمنٍ تراجع فيه الخطاب السياسي العربي إلى زوايا الانقسام والطائفية، خرج فؤاد السنيورة، رئيس وزراء لبنان الأسبق، ببيان فاجأ الجميع، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. لم يكن مجرد بيان عزاء. كان موقفًا تاريخيًا، ورسالة دولة، وصوت ضمير.

 

السنيورة، رجل الدولة السني، نعى البابا فرنسيس... بلسان الأزهر.

 

نعم، هكذا، دون مواربة. في بيان صادر عن "اللجنة الوطنية لمتابعة مقررات الأزهر الشريف"، والتي يرأسها السنيورة، اختار أن ينعى بابا الفاتيكان بكلمات تمتح من قاموس الأخوّة الإنسانية، وتُضيء على إرث البابا في نشر ثقافة التسامح والتقارب بين الأديان.

 

لم يقل: "نتقدم بالتعزية." بل قال: "نعزي الأخ، ونكرم رجل السلام."

 

هذا البيان كان بمثابة تحدٍّ حضاري لموروث سياسي متخم بالانغلاق. لم يُراعِ فيه الحسابات الطائفية، ولا توازنات الداخل اللبناني المتقلبة، بل خاطب العالم بلغة الإنسان، بلغة فكر، لا مذهب.

 

رؤية عالمية من رجل محلي

 

السنيورة لم يكن هنا سياسياً عادياً، بل ظهر كرجل دولة عالمي، يفهم موقعه في مشهد أوسع من حدود الوطن. فقد أضاء على وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي وقّعها البابا مع شيخ الأزهر عام 2019، مشيدًا بها كركيزة لمستقبل العلاقات بين الأديان.

 

في بلدٍ يغرق في الحسابات الداخلية، يخرج السنيورة ليتكلم عن مستقبل البشرية.

 

رسائل متعددة المستويات

 

إلى المسيحيين في لبنان: لستم وحدكم في الحزن.

 

إلى المسلمين: لا تخافوا من الآخر، فقد يكون شريكًا في الخير.

 

إلى رجال الدين والسياسة: انزعوا عباءة الطائفة، وارتدوا إنسانيتكم.

 

 

لماذا هذا البيان مهم؟

 

لأنه يكسر قوالب السياسة اللبنانية. ولأنه يقدم نموذجًا لسياسي مسلم ينعى رأس الكنيسة الكاثوليكية بلغة المحبة، لا المجاملة. ولأنه، بكل بساطة، يذكّرنا أن بعض السياسيين ما زالوا يحملون مشروعًا، لا مجرد أجندة.

 

ختامًا...

 

في لحظة عربية مشبعة بالفرقة، يخرج فؤاد السنيورة ليخاطب الناس باسم الأخوّة. لا يسعى لمقعد، بل لترسيخ قيم. وهذا ما يفعله رجال الدولة الحقيقيون.