رمضان يوحّد اللبنانيين: فرصة ذهبية للحوار أم هدنة مؤقتة؟
خاص مراسل نيوز

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتجدد الدعوات إلى الوحدة والتسامح بين اللبنانيين، حيث يشكل هذا الشهر الفضيل مناسبة تتخطى الأبعاد الدينية لتصبح فرصة نادرة لترميم العلاقات وتعزيز الحوار بين مختلف الأطياف. لكن يبقى السؤال: هل سيستفيد اللبنانيون من هذه الفرصة، أم سيبقى التسامح مجرد لحظة عابرة سرعان ما تُنسى مع انتهاء الشهر؟
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية الخانقة التي يعيشها لبنان، يأتي رمضان ليضيء بارقة أمل في نفوس اللبنانيين. فالموائد التي تجمع العائلات، والمبادرات الخيرية التي تتجاوز الحدود الطائفية، تثبت أن روح التكافل لا تزال حاضرة رغم كل الصعوبات.
لكن ما يلفت الانتباه هو قدرة اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم خلال هذا الشهر، فيما تعود الانقسامات فور انتهائه. فهل يمكن أن يكون رمضان نموذجًا لمرحلة جديدة من التلاقي والحوار المستمر؟
رمضان يحمل في جوهره قيم العفو والمغفرة والتضامن، لكن هل يمكن أن تتحول هذه القيم إلى نهج دائم في المجتمع اللبناني؟ لطالما رُفعت شعارات التسامح والوحدة، لكن دون خطوات عملية تترجمها على أرض الواقع.
على المستوى السياسي، لم يعد اللبنانيون بحاجة إلى خطابات جوفاء، بل إلى مبادرات حقيقية تكسر الحواجز وتعيد بناء جسور الثقة. أما على الصعيد الاجتماعي، فإن التكافل الذي يظهر في رمضان يجب ألا يكون مجرد فعل موسمي، بل ثقافة متأصلة تستمر طوال العام.
رمضان ليس فقط اختبارًا لمدى قدرة اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم، بل هو أيضًا فرصة للقيادات السياسية لتقديم نموذج جديد قائم على الحوار الفعّال بدلاً من الانقسامات. فإذا تمكن المواطنون من التعايش خلال هذا الشهر، فلماذا لا يستطيع السياسيون أن يحذوا حذوهم؟
لبنان اليوم بحاجة إلى قرارات جريئة تعيد اللحمة بين أبنائه، وليس إلى شعارات مؤقتة تتلاشى مع انتهاء المناسبات. والمجتمع اللبناني نفسه مسؤول عن فرض هذه القيم وجعلها حقيقة ثابتة، بدلاً من انتظار الحلول من الخارج أو من الطبقة السياسية.
إذا انتهى رمضان وعادت الأمور إلى سابق عهدها من التنافر والانقسام، فهذا يعني أن الفرصة قد ضاعت مرة أخرى. لكن إذا نجح اللبنانيون في تحويل روح هذا الشهر إلى واقع دائم، فقد يكون رمضان 2025 بداية مرحلة جديدة من الوحدة والتعايش.
فهل يكون هذا العام مختلفًا؟ وهل يثبت اللبنانيون أن رمضان ليس مجرد مناسبة عابرة، بل فرصة حقيقية لصناعة مستقبل أكثر إشراقًا للبنان؟
القرار بأيديكم.