رهان إسرائيل على إسقاط نظام إيران... مغامرة محفوفة بالمخاطر
خاص مراسل نيوز

في ظل التصعيد المستمر مع طهران، لا تُخفي إسرائيل رغبتها في إسقاط نظام «ولاية الفقيه» الذي يحكم إيران منذ الثورة عام 1979، إلا أن هذا الطموح يواجه تعقيدات كثيرة، في مقدمتها الانقسامات داخل صفوف المعارضة الإيرانية، وغياب الضمانات بشأن مستقبل ما بعد النظام، واحتمالات بروز نظام أكثر تشدداً.
ومع استهداف مواقع رمزية لا تمت بصلة مباشرة للقدرات النووية أو الباليستية، مثل مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون، تعززت التقديرات بأن إسرائيل تسعى لما هو أبعد من تحجيم قدرات إيران العسكرية—ربما إلى استهداف مباشر للمرشد علي خامنئي نفسه. وقد ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى معرفة واشنطن بمكان تواجد المرشد، ما أثار مخاوف من نية لتغيير شامل في رأس السلطة الإيرانية.
لكن هذه المخاوف ترتبط أيضاً بذاكرة الغرب تجاه تجارب تغيير الأنظمة السابقة، من العراق إلى ليبيا، حيث تسببت الإطاحة بصدام حسين ومعمر القذافي بسنوات من الفوضى والعنف، دون ضمانات ببديل مستقر. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قالها بوضوح في قمة مجموعة السبع: «السعي لتغيير النظام في إيران عسكرياً سيكون خطأً فادحاً... مثل ما حدث في العراق وليبيا».
ويحذر محللون من أن غياب بديل سياسي منظم داخل إيران يزيد من تعقيد المشهد، خاصة مع احتمال بروز قوى متشددة من داخل الحرس الثوري لملء الفراغ السياسي حال سقوط النظام. وترى نيكول غراييفسكي من "مؤسسة كارنيغي" أن الضربات الإسرائيلية تستهدف رموز النظام، وليس فقط منشآته العسكرية.
في المقابل، يبرز رضا بهلوي، نجل شاه إيران السابق، كوجه معارض بارز، إلا أن دعواته لإعادة العلاقات مع إسرائيل وإطلاق ما يسميه "اتفاقات كورش" لا تحظى بإجماع داخل البلاد أو بين صفوف المعارضة، بل تثير انقسامات حادة، خصوصاً بعد رفضه إدانة الهجمات الإسرائيلية.
وتبقى حركة «مجاهدي خلق» لاعباً معارضاً آخر، حيث جدّدت زعيمتها مريم رجوي أمام البرلمان الأوروبي دعوتها لإسقاط النظام، لكن الحركة نفسها تواجه اتهامات من أطياف المعارضة الأخرى بسبب ماضيها في التعاون مع نظام صدام حسين خلال الحرب العراقية-الإيرانية.
ويرى الباحث توماس جونو من جامعة أوتاوا أن غياب بديل ديمقراطي منظم هو أحد أكبر التحديات أمام سيناريو تغيير النظام، مرجحاً أن الخيار الوحيد المتاح، وإن كان مقلقاً، هو استيلاء الحرس الثوري على السلطة وتحول البلاد إلى ديكتاتورية عسكرية.
كما تنبّه مراكز بحثية مثل "صوفان" إلى عامل مهم غالباً ما يتم تجاهله: التعقيد العرقي في إيران، حيث تعيش أقليات كبيرة من العرب والأكراد والبلوش والترك إلى جانب الأغلبية الفارسية، ما يفتح الباب أمام استغلال خارجي للصراعات الداخلية حال وقوع انهيار سياسي.
ويجمع الخبراء على أن السعي لإسقاط النظام الإيراني، دون رؤية واضحة لليوم التالي، قد يعيد تكرار كوابيس الماضي في العراق وليبيا، وربما يطلق شرارة اضطرابات إقليمية واسعة ذات تداعيات عالمية.