وزيرة التربية تقود ورشة الامتحانات الرسمية: «الأمر لي»!

أمس، بدا كل شيء في وزارة التربية جاهزاً مسبقاً لإطلاق ورشة الامتحانات الرسمية. فما إن أنهت الوزيرة ريما كرامي مؤتمرها الصحافي وحسمت القرارات المتصلة بالاستحقاق حتى وزعت «المرفقات»، من برنامج الامتحانات، وتوصيف المواد، وجدولة نهاية العام الدراسي وتكثيف الدروس، و«تقليصات» المواد.
دفعة واحدة، قطعت الوزيرة الشك الذي ساد لأسابيع باليقين، فحددت موعد امتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة في 9 تموز، ومددت العام الدراسي حتى 13 حزيران، وأعلنت أن التقليص سيطال بعض المواد الأساسية، وأنه لن تكون هناك مواد اختيارية.
وقالت إنها بنت هذه القرارات على نتائج تحليل دراسة متأنية للمركز التربوي للبحوث والإنماء أظهرت أن التفاوت في إنجاز المناهج بين الثانويّات محدود جداً، بما في ذلك ثانويات القرى الحدودية.
وبينما انطلقت كرامي في قراراتها سلفاً من أن المناهج الراهنة المقررة للامتحانات الرسمية مقلصة بنسبة 40 في المئة، علت صرخة الأساتذة والطلاب لا سيما في الثانويات الرسمية المتضررة من العدوان الإسرائيلي لجهة استحالة القدرة على إنجاز مادة الرياضيات التي لم يقلص منها شيء، والبيولوجيا التي قلصت منها ثلاثة دروس من أصل 36، ومادة الاجتماع التي قلص منها درس واحد من أصل 19، ومادة الاقتصاد التي قلص منها درس واحد من أصل 20، فيما لم يُحذف شيء من المواد الأخرى.
وجرى التساؤل عن مدى إمكانية تكثيف الدروس بإعطاء الطلاب أياماً إضافية خلال العطلة الأسبوعية، في ظل تزامن انتهاء العام الدراسي مع الانتخابات البلدية ومشاركة الأساتذة فيها كرؤساء أقلام وكتاب.
وتحدث مديرون عن تمييز واضح بين المدارس، ففي حين أن ثانويات ستبدأ امتحانات آخر السنة في 2 حزيران وسيكون لدى طلابها متسع من الوقت للاستعداد للامتحانات في 9 تموز، ستضطر أخرى إلى مواصلة التدريس حتى 13 حزيران، ويخسر طلابها أسبوعين من مدة المراجعة.
وفي الموازاة، شنت حملة موجهة من «المنصات» ضد الوزيرة، ووصفت قراراتها بـ«عدم المسؤولية وعدم الإدراك لحقيقة الأمور».
وفي حين لفتت كرامي إلى أنها اطلعت على نتائج استطلاعاتِ الرأي للأساتذةِ والطّلاب التي أودعتها إيّاها رابطة أساتذة التعليم الثانوي، فإنها لم تأخذ بأي من توصياتها لا سيما لجهة اعتماد المواد الاختيارية، وتأكيد أن التمديد للعام الدراسي لا يغني عن التقليص ولا يردم الفاقد التعليمي.
اللافت في توجهات الوزيرة أنها حمَّلت المدير العام للتربية فادي يرق، أمام الإعلام، المسؤولية عن الامتحانات الرسمية بصفته رئيساً للجان الفاحصة، وهو سيكون مع رؤساء الوحدات والمناطق التربوية والمركز التربوي أمام تحدي إنجاح الاستحقاق، فهل يعني ذلك أن فريق الوزارة سيواجه من يتربص بالامتحانات لإفشالها، وسيقطع الطريق على أي خلل قد يصيب الاستحقاق لناحية تسريب الأسئلة عبر المنصات التعليمية التجارية على غرار ما حصل العام الماضي؟ وهل هذا غمز من قناة فتح ملف المخالفات في هذا الاستحقاق، وخصوصاً وسط الحديث عن إعادة فتح التحقيقات القضائية في هذا الاتجاه؟
أمس، كانت المرة الأولى التي تعلن فيها كرامي أن هناك فريق عمل في مكتبها سيكون مكلفاً الإشراف على إتمام الاستحقاق ومواكبة الورشة من كثب، فمن هو هذا الفريق؟
وهل الرئيسة السابقة لدائرة الامتحانات الرسمية، أمل شعبان من ضمنه، خصوصاً أن مشاركتها في المؤتمر الصحافي وحديثها عن «المرفقات» التي ستوزع حول الامتحانات بدت مستغربة، إذ إنها مكلفة حالياً بوظيفة غير موجودة (رئاسة الديوان في التعليم)، أي إنّ لديها مسؤولية مختلفة تماماً، وهي تتبع للمديرية العامة للتعليم العالي وليس للمديرية العامة للتربية، المسؤولة المباشرة عن الامتحانات الرسمية. فهل هناك نية لدى الوزيرة بإعادة شعبان إلى رئاسة الامتحانات أم ستكتفي بالاستعانة بـ «خدماتها الاستشارية»؟
الوزيرة استغربت سؤال «الأخبار» عن عتب الأساتذة والطلاب في القرى الحدودية لعدم قيامها وفريق الوزارة بزيارة ميدانية لمعاينة واقع المدارس في هذه القرى والوضع النفسي للطلاب، «لأنني لم أسمع هذه الشكوى» من مجموعة من طلاب القرى الحدودية التقتهم في الوزارة.
وحول تأمين المستلزمات المالية للامتحانات الرسمية، أوضحت أن الاعتمادات أساساً من موازنة وزارة التربية، وأن منظمة اليونيسف ستساعد في الأمور اللوجستية والمعلوماتية والفنية فحسب، مؤكدة أن الوزارة «لن توفر أياً من الموارد لتحقيق الهدف من الامتحانات»، من دون أن تحدد ما إذا كان هناك تغيير سيطرأ على بدلات المراقبة والتصحيح.