الجمهورية المختطفة: كيف تتحرك حماس والجماعة تحت أنف الدولة؟
بقلم هيئة التحرير مراسل نيوز

حين تُكتشف معسكرات تدريب مسلحة على الأراضي اللبنانية، لا تديرها جهات لبنانية شرعية بل تنظيمات عابرة للحدود كـ"حماس" و"الجماعة الإسلامية"، فالمسألة لم تعد تفصيلاً أمنياً… بل مسألة وجود سياسي للدولة من عدمها.
لبنان لا يُنهك فقط بسبب اقتصاده المنهار أو طبقته السياسية المتآكلة، بل لأنه فقد القدرة على فرض حدوده الداخلية. والحدود هنا لا تُقاس بالجغرافيا، بل بالقرار.
المعسكر في عاليه: نموذج لدولة موازية... قيد التشغيل
ما كشفه الجيش اللبناني في منطقة عاليه من وجود مخيم عسكري مجهز بالأسلحة والعتاد، يُدرّب لبنانيين وأردنيين تحت إشراف حركة "حماس" و"قوات الفجر" التابعة لـ"الجماعة الإسلامية"، ليس صدفة.
بل هو امتداد لمسار استباحة بدأ منذ سنوات، حين فقدت الدولة احتكارها للعمل الأمني، وسُمح لقوى لا تنتمي للمؤسسة الوطنية بأن تنسج شبكاتها داخل النسيج اللبناني.
هنا، لا نحن أمام “خطر عابر”، بل أمام مشروع متكامل يستثمر في هشاشة الدولة لصالح بناء بدائلها.
حماس والجماعة: السلاح ليس أداة مقاومة... بل وسيلة هيمنة
لندع الشعارات جانبًا.
حماس لم تعد تنظيمًا مقاوِمًا فحسب. بل أصبحت جهة تتقن لغة الاشتباك الأمني على أكثر من ساحة، وتحوّلت إلى لاعب عسكري-سياسي إقليمي يتحرّك حيث تسمح له الجغرافيا بالعمل.
في لبنان، تسعى لتكرار النموذج الغزّاوي: سلاح بلا مساءلة، نفوذ بلا شرعية، ووجود أمني يفرض نفسه بالواقع لا بالقانون.
أما "الجماعة الإسلامية"، فقد تجاوزت منذ زمن فكرة “العمل الدعوي”. دخولها العلني في تدريب وتسليح عناصر لبنانية هو قرار بالخروج النهائي من الدولة والانضمام إلى خط الجماعات التي تختزل الوطن بالسلاح.
القضاء غائب... فهل من يجرؤ على الادّعاء؟
ما يزيد من خطورة ما حدث ليس فقط اكتشاف المعسكر، بل أن القضاء العسكري حتى اليوم لم يحرّك ساكنًا رغم مرور أسابيع على التوقيفات.
هذا الصمت ليس بريئًا، ولا إداريًا.
بل هو تعبير عن واقع خطير: أن القرار السيادي في لبنان لم يعد بيد الدولة، بل موزّع بين جماعات تملك السلاح، وأخرى تملك الغطاء السياسي، وثالثة تملك "الشارع" عند الحاجة.
نزع السلاح: ليس خطوة إصلاحية... بل لحظة تأسيسية
الحديث عن نزع السلاح غالبًا ما يُصوّر كأنه مشروع "توافقي طويل الأمد". لكن الحقيقة أن استمرار وجود السلاح خارج الدولة، سواء باسم المقاومة أو الدين أو الحماية الذاتية، هو إعلان صريح عن انتهاء فكرة الدولة.
لا يمكن بناء عقد اجتماعي في ظل تعدد الميليشيات.
ولا يمكن إجراء انتخابات أو إصلاحات في ظل السلاح غير الشرعي.
ولا يمكن الحديث عن سيادة، بينما تقرر فصائل مسلحة من الخارج ماذا يُفعل في الداخل.
خلاصة سياسية لا بد منها:
لبنان يُستخدم كساحة تدريب لمعركة لا يملك قرار دخولها.
القضاء عاجز، والجيش مكبل، والسياسيون متواطئون أو صامتون.
استمرار هذه الحالة لن يؤدي إلى تفكك الدولة فقط، بل إلى نشوء دولة ظلّ كاملة داخلها.
نزع السلاح ليس مطلبًا سياسيًا.
بل هو شرط لبقاء لبنان ككيان.
هو لحظة تأسيسية تُفرز: من يريد دولة، ومن يريد ساحة.
وإلى "حماس"، و"الجماعة الإسلامية"، وكل من يحمل سلاحًا خارج شرعية القانون:
لبنان ليس ملعبكم.
لبنان ليس امتدادًا لأجنداتكم.
لبنان وطن... وليس مشروعًا مسلحًا ينتظر من يديره من الخارج.