أخطر أزمة سيادية في تاريخ لبنان: تهديدات حزب الله وتصريحات إيران تضع بيروت أمام معركة كسر المعادلة
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في بلد ينهشه الانهيار الاقتصادي وتفتك به الانقسامات الطائفية، فجّرت حكومة نواف سلام أكبر مواجهة سياسية–أمنية منذ اتفاق الطائف، بقرارها التاريخي حصر السلاح بيد الدولة وتسليم الجيش خطة نزع سلاح حزب الله قبل نهاية 2025.
القرار ليس إدارياً ولا تقنياً. إنه إعلان مواجهة مفتوحة مع منظومة السلاح التي تحكم لبنان من خارج مؤسسات الدولة، وتربطه بشبكة إقليمية تمتد من طهران إلى الضاحية الجنوبية.
حزب الله لم يترك مجالاً للالتباس: نائب رئيس مجلسه السياسي محمود قماطي وصف القرار بـ"المستحيل"، ملوحاً بأن "الشعب كله سيتصدى للحكومة". إيهاب حمادة تحدث عن "ضرب الميثاقية" وتوعد بإسقاط الحكومة قبل الانتخابات. محمد رعد رفع سقف التهديد باستدعاء "خيار كربلاء"، ليؤكد أن القضية معركة عقيدة لا تسوية سياسية.
لكن الأخطر جاء من الخارج: إيران، على لسان مستشار المرشد علي أكبر ولايتي، رفضت القرار اللبناني جملة وتفصيلاً، واعتبرته حلماً "لن يتحقق"، مؤكدة أن طهران "لن تسمح" بتنفيذه. هذا التدخل الفجّ، ردّت عليه وزارة الخارجية اللبنانية ببيان سيادي غير مسبوق، وصفت فيه التصريحات الإيرانية بأنها "تدخل سافر"، وأكدت أن مستقبل لبنان يقرره اللبنانيون وحدهم.
المعركة أكبر من السلاح
في العمق، يدرك الجميع أن المعركة تتجاوز مسألة الأسلحة والذخيرة. إنها صراع على القرار الوطني، وعلى تعريف الدولة نفسها: هل هي كيان مستقل بسيادة كاملة، أم ساحة نفوذ مفتوحة لصراعات الآخرين؟
المعسكر الرافض لقرار الحكومة يرى أن نزع السلاح هو تمهيد لضرب نفوذ إيران في لبنان، وتغيير التوازنات الداخلية قبل الانتخابات، وصولاً إلى أكثرية نيابية تتجاوز 86 نائباً، ما يتيح إعادة رسم السياسة الخارجية والداخلية للبنان بالكامل، وفق رؤية سيادية
لماذا نواف سلام خط أحمر؟
في هذا السياق، يصبح نواف سلام أكثر من مجرد رئيس حكومة. إنه رمز لفكرة الدولة المستقلة. أي محاولة لإسقاطه أو إفشال حكومته، هي عملياً إعلان حرب على المشروع السيادي برمته. حماية حكومته ليست خياراً سياسياً، بل واجب وطني وعربي ودولي.
لبنان اليوم أمام مفترق وجودي: إما أن يختار طريق الدولة التي تحتكر السلاح وتحكم بالقانون، أو أن يبقى رهينة لمشروع إقليمي مسلح يجره إلى حروب عبثية ويفرض عليه وصاية خارجية.
المعركة بدأت، وخط التراجع لم يعد موجوداً. العالم العربي والعالم كله يراقب: هل ينهض لبنان ليكون سيد نفسه، أم يسقط نهائياً في قبضة السلاح؟