وزير الخارجية العراقي: زيارة ترامب لمصلحة المنطقة ولا تناقُض بين قمّتي الرياض وبغداد

رحّب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بالزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدول خليجية، نافياً أن تكون ألحقت الضرر بمستوى التمثيل المتوقع في القمة العربية المرتقبة في بغداد بعد غد السبت.
وفي حديث لـ"النهار" على هامش التحضيرات للحدث في العاصمة العراقية، أكد حسين أن العلاقات بين بغداد والسلطات الجديدة الحاكمة في دمشق "جيدة وطبيعية"، عازياً غياب الرئيس السوري أحمد الشرع إلى حرية كل دولة في انتداب من يمثلها، وليس إلى الضغوط الداخلية من قوى عراقية رفضت دعوة الشرع لحضور القمة، معتبراً أن تلك المواقف هي نتيجة أن العراق "دولة ديموقراطية، وللديموقراطية ثمنها".
وعمّا يأمله العراق من انعقاد القمة على أراضيه وما سيتضمنه البيان الختامي، قال إن "إعلان بغداد" المرتقب مع نهاية القمة "لن يعبّر فقط عن الرؤية العراقية، بل يجب أن يعبّر عن الرؤية العربية، آخذاً في الاعتبار كل الآراء. وأيضاً سوف يعبّر عن القرارات المتخذة في القمة والخطة المستقبلية لقيادتها في السنة المقبلة".
النفوذ الإيراني والثقة بالعراق
دائماً ما يسعى العراق إلى طرح دوره كعامل توازن ووسيط عربي وإقليمي، لكن ثمة ما يطرأ ويبقي مسألة الثقة العربية بدوره متراجعة بسبب شكوك حيال استمرار تأثير النفوذ الإيراني في القرار العراقي، هل لا يزال الأمر هكذا بالنسبة لنظرة العديد من الدول العربية إلى العراق ودوره؟
يجيب وزير الخارجية العراقي: "العراق يتعامل مع الجغرافيا بالإضافة إلى التاريخ والثقافة. حينما نقول إننا نتعامل مع الجغرافيا فهذا يعني أننا نتعامل مع الجمهورية الإسلامية في إيران ومع تركيا، وهما دولتان مهمتان في المنطقة ولهما علاقات قوية مع الدول العربية، كذلك لديهما بعض التناقضات معها. وفي الواقع بغداد هي التي لعبت الدور في تقارب وجهات النظر، سواء بين الجمهورية الإسلامية (إيران) والعديد من الدول، أو بين تركيا والعديد من الدول الأخرى. بغداد تلعب دوراً مهماً، أحياناً لا نتحدث عنه ولا نذكره، ولكن الأعمال هي التي تثبت الدور الريادي العراقي وسوف نستمر في هذا الدور. نحن سنقود القمة في السنة المقبلة، وهذا من واجبنا، ونحتاج إلى عملية تضامنية وتنسيق مشترك مع الجامعة العربية".
وإلى أي مدى ألحق توقيت زيارة الرئيس ترامب للمنطقة ضرراً بقمّة بغداد وحجم التمثيل فيها؟ يؤكد حسين أن "زيارة ترامب للمنطقة مهمة، وأحيي الإخوة في السعودية لتنظيم هذه الزيارة ولعقد القمة الخليجية – الأميركية. القرارات المتخذة في تلك القمة ستصب في مصلحة المنطقة، وهذا يعني أن القمة التي ستُعقد في بغداد والقمة الخليجية – الأميركية ركيزتان أساسيتان لإدارة الأمور في المنطقة، ويعني أيضاً أن هاتين القمتين تكامليتان وليس هناك تناقض بين الحدث في بغداد والحدث في الرياض"، مع تأكيده أن مستوى الحضور في قمة بغداد سيكون "نوعياً".
وهل ثمة آليات مختلفة لدى العراق لتجنّب تكرار الإعلان عن قرارات لا تُنفّذ؟ أجاب: "سنطرح بعض الآليات لكيفية التعامل مع الأزمات خلال الفترة المقبلة، ونتمنى أن يتم اتفاق على ما نطرحه. سنطرح أفكارنا على القمة بشأن التعامل مع أزمات في دول عديدة، ومنها حروب مثل السودان وليبيا واليمن، وثمة وضع جديد في سوريا ولبنان. نحتاج إلى التعامل مع هذه الأزمات. بعضها داخلي وبعضها خارجي وبعضها مختلط. التعامل مع هذه الأزمات يحتاج إلى أدوات. المتابعة لهذه الأدوات مهمة وهذا ما نحاول التعامل معه".
غياب الشرع والعلاقات مع دمشق
أثار إعلان عدم حضور الشرع إلى بغداد السبت شكوكاً بشأن مستقبل العلاقات بين العراق و"سوريا الجديدة"، بفعل الحملة التي قامت بها قوى سياسية عراقية قريبة إلى إيران ضدّ دعوة الرئيس السوري الانتقالي لحضور القمة. وخلال اللقاء المفصلي بين ترامب والشرع في الرياض برعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، طلب الرئيس الأميركي من الشرع مساعدة واشنطن في مكافحة "الميليشيات الأجنبية" و"داعش"، فهل يمكن أن يكون ملف مكافحة الإرهاب مدخلاً مناسباً لإصلاح العلاقات بين بغداد ودمشق؟
يبادر وزير الخارجية العراقي إلى تأكيد أن "العلاقات جيدة بين دمشق وبغداد. معالي وزير الخارجية السوري (أسعد الشيباني) زار بغداد وكانت لنا مباحثات، والتواصل مستمر مع الجانب السوري، والسيد رئيس الوزراء العراقي (محمد شياع السوداني) التقى الرئيس الشرع، والعلاقات مستمرة. أما مسألة التمثيل فهذا يخص كل دولة، ليس من المفروض أن يشارك في القمة العربية رئيس الدولة".
ولكن لسوريا خصوصية بسبب ضغوط عراقية داخلية على الدولة. يعلّق حسين: "نحن نظام ديموقراطي والديموقراطية لها ثمنها. ثمة أحزاب وسياسيون لهم آراؤهم، لكن الدولة العراقية ونحن كحكومة عراقية، لدينا علاقات طبيعية مع الجانب السوري. أما بخصوص محاربة الإرهاب فثمة الآلية الخماسية التي تجمع العراق وتركيا والأردن وسوريا ولبنان، وكانت لدينا اجتماعات مستمرة لتأسيس مركز لتبادل المعلومات بشأن النشاطات الإرهابية، وأيضاً لتبنّي آليات لمحاربة إرهابيي داعش".
سلاح "العمال الكردستاني"
وفي شأن الخطوة التاريخية التي أقدم عليها "حزب العمال الكردستاني" بحلّ نفسه وإلقائه السلاح استجابة لدعوة زعيمه عبدالله أوجلان، المسجون في تركيا منذ 1999، قال: "هذه الخطوة مهمة جداً، مهمة لتركيا وأيضاً للعراق وسوريا والمنطقة. نحن نحيي هذه الخطوة سواء من الجانب التركي أو من جانب حزب العمال الكردستاني".
ومن هو الطرف الذي سيتسلّم سلاح الحزب؟ ومع من يتحدث العراق بهذا الشأن؟ يجيب الوزير العراقي والشخصية الكردية البارزة فؤاد حسين: "مسألة إلقاء السلاح تُدرس بين الجانب العراقي والجانب التركي، بالإضافة أيضاً إلى محادثات بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان. في الواقع بدأنا نقاشات في هذا الشأن مع الحكومة التركية وكانت لي زيارة لتركيا، وتحدثنا بشأن وضع الآليات الصحيحة لاستلام هذه الأسلحة