برقية تُفرغ مراكز الدفاع المدني من المتطوّعين.. ولا من يطفئ الحرائق
في 12 أيار 2025، أصدر المدير العام للدفاع المدني بالتكليف، العميد نبيل فرح، برقية حملت الرقم 156/د.م، وجهها إلى رؤساء الوحدات والدوائر والمراكز الإقليمية والعضوية. شددت البرقية على منع عناصر الدفاع المدني من الظهور باللحى الطويلة والذقون الكثيفة وارتداء الأكسسوارات، بما فيها الحلق على الأذن، خلال أوقات الخدمة أو عند تنفيذ المهمات العملانية أو أثناء تمثيل المديرية في المناسبات الرسمية. ورأت المديرية العامة أن هذه المظاهر تسيء إلى صورة الجهاز وانضباطه أمام الرأي العام، وقد تؤدي إلى تداعيات سلبية، خصوصاً خلال المهمات الحساسة كإخماد الحرائق في أماكن مغلقة. وأكدت البرقية ضرورة الالتزام بالهندام الرسمي وبذقن حليقة، تحت طائلة اتخاذ إجراءات مسلكية وتأديبية بحق المخالفين.
لكن هذه البرقية أثارت ردود فعل غاضبة بين المتطوعين، الذين يشكلون العمود الفقري للعمليات العملانية على الأرض. أحد المتطوعين الذين خدموا سنوات طويلة من دون أي مقابل مادي أو تأمين اجتماعي، اعتبر أن هذه البرقية لا تراعي واقع المتطوعين الذين يضعون حياتهم وجهدهم في خدمة الناس والدولة من دون أي بدل. ويقول المتطوع: "أنا لا أتقاضى أي مقابل من المديرية، بل أقدّم لها من وقتي وجهدي ومن مالي الخاص. وفي الوقت الذي نفتقر فيه إلى المعدات واللباس الرسمي، توجّهت المديرية إلى انتقاد مظهرنا؟ نحن على أبواب موسم حرائق، وإذا لم يتواجد المتطوعون، فإن الموظفين وحدهم غير قادرين على القيام بالعمل المطلوب منهم لقلة عددهم". يشير إلى أن معظم الموظفين الرسميين متقدمون في السن، ولا قدرة جسدية لديهم على مجاراة الحرائق الكبيرة، فيما الشباب المتطوعون كانوا يقومون بالمهمات الأكثر صعوبة، وهم الآن قرروا التوقف عن العمل احتجاجاً على مضمون البرقية، اذ لا شأن للمديرية برسم الأشكال والمظاهر الا اذا كانت نافرة وفق ما يقول هؤلاء.
يضيف المتطوع أن القرار خلق صدمة في أوساط المتطوعين، حيث غادر معظمهم المراكز، لا في منطقة واحدة فقط، بل في مختلف المناطق اللبنانية. "نحن نقف صفاً واحداً، شباباً وشابات، لأن القرار لا يعكس حقيقة الخدمة. لا أحد منا يعارض الانضباط، لكن كنا ننتظر قرارات أفضل لنا". ويُشير إلى أن عدد المتطوّعين في مختلف المراكز يناهز الثلاثة آلاف، وقد غادر عدد كبير منهم مراكزهم. ويُلفت إلى أن الدفاع المدني بات عاجزًا في بعض المراكز عن تأمين الحد الأدنى من الطواقم القادرة على القيادة أو التعامل مع الحالات الطارئة، نظرًا لأن معظم سائقي الآليات هم من المتطوّعين الشباب. "اليوم، إذا اندلع حريق كبير، قد لا يكون هناك من يُخمده، لأن لا أحد متوفّر لقيادة الآليات أصلًاً".
رغم ذلك، لا يغلق المتطوع الباب أمام إمكانية العودة إلى الخدمة، مشيراً إلى أن ذلك ممكن إذا تم التراجع عن مضمون البرقية أو تعديلها بما يتناسب مع واقع المتطوعين. ويوضح: "لسنا ضد الحلاقة أو المظهر المرتب، لكن القرار يُجبرنا على حلاقة الذقن بشفرة الحلاقة، وكأننا موظفون رسميون أو عسكريون، مع أننا لا نتقاضى رواتب ولا نملك أي ضمان، ويؤكّد أن صوت المتطوّعين سيُسمَع، مشيرًا إلى أن على الرأي العام أن يعرف سبب غياب فرق الإطفاء المحتمل هذا الصيف، والذي لا يعود فقط إلى نقص العتاد، بل أيضًا إلى انسحاب من كانوا يؤدّون هذه المهمّات.