قيادة جديدة لحزب "البعث" في سوريا والشّعب لا يبالي.. تغيير شكلي أم خطّة إصلاح؟

قيادة جديدة لحزب "البعث" في سوريا والشّعب لا يبالي.. تغيير شكلي أم خطّة إصلاح؟

وسط عزوف شعبي عن الاهتمام بالشأن العام نتيجة الظروف المعيشية البالغة الصعوبة في سوريا، استكمل حزب "البعث" الحاكم عمليته الانتخابية التي أسفرت، كما كان متوقعاً، عن تغيير كامل في هيكلة القيادة المركزية التي حلت مكان القيادة القطرية عام 2018 وذلك كنتيجة طبيعية لإلغاء القيادة القومية قبل عام.

 

وبعد "يوم بعثي طويل" كما وصفته صحيفة "الوطن" السورية المقربة من دوائر القرار في دمشق، أنهى حزب "البعث العربي الاشتراكي" يوم السبت عمليته الانتخابية التي بدأت في شباط (فبراير) الماضي مجدداً الثقة بالرئيس السوري بشار الأسد كأمين عام لولاية جديدة، فيما تم اختيار أعضاء اللجنة المركزية التي تولت بدورها اختيار أعضاء القيادة المركزية، مع تعيين هيثم سطايحي بمنصب أمين سر اللجنة المركزية، ولم يبق شاغراً سوى منصب الأمين العام المساعد الذي كان يشغله هلال هلال ومن المتوقع أن تقوم القيادة المركزية باختيار شخصية لتولي هذا المنصب.

 

وفي عمل مختلط يجمع بين الانتخاب والتعيين، اجتمعت اللجنة المركزية الموسعة لحزب "البعث" صباح أمس السبت في قصر المؤتمرات وانتخبت ما يقلّ عن ثلثي أعضاء اللجنة المركزية الجديدة، فيما تولى الرئيس السوري تسمية الأعضاء الآخرين الذين تفوق نسبتهم الثلث وتقل عن النصف ويبلغ عددهم 45 عضواً، ومن بين هؤلاء المعيّنين ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، فيما يفرض النظام الداخلي للحزب أن يكون كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس الشعب ووزير الدفاع ووزير الخارجية أعضاء دائمين في هذه اللجنة.

 

وتولت اللجنة المركزية اختيار أعضاء القيادة المركزية وهم: عزت عربي كاتبي، صفوان أبو سعدى، محمود زنبوعة، إبراهيم الحديد، فاضل نجار، أيمن الدقاق، طه خليفة، سمير خضر، فاضل وردة، ياسر شاهين، جمانة النوري، حموده الصباغ (رئيس مجلس الشعب)، حسين عرنوس (رئيس الحكومة)، وعلي محمود عباس (وزير الدفاع).

 

ورغم تشكيل لجنة عليا مهمتها الإشراف على الانتخابات الحزبية وضمان نزاهتها وسيرها ضمن مسار الإصلاح المنشود، وما حظيت به هذه اللجنة العليا من رعاية مميزة من قبل الرئيس السوري حيث اجتمع معها أكثر من ثلاث مرات، إلا أن العملية الانتخابية لم تستطع أن تتحرر من موروث الماضي الذي بقي عالقاً فيها ومتحكماً بنتائجها. وقد وُجهت إلى هذه العملية الكثير من الانتقادات حتى من قبل بعض الحزبيين الذين رأوا أن تنظيم الانتخابات لم يخلُ من قواعد وآليات كان من الواضح أنها تهدف في نهاية المطاف أن يصل "المرضيّ عنه" قبل الحائز أعلى نسبة من الأصوات.

 

وشارك الرئيس السوري بشار الأسد في الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب المنعقد في قصر المؤتمرات في دمشق.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، السبت، إن الاجتماع، يتضمن انتخاب أعضاء لجنة مركزية وقيادة مركزية جديدة.

ووفقاً للوكالة، فإن الاجتماع يأتي كمرحلة ثالثة استكمالاً "للعملية الديموقراطية" التي أطلقها الرئيس، في اجتماع اللجنة المركزية الذي عُقد بداية العام الجاري.

 

ووفقاً لما ذكرت الوكالة فقد "تم التحضير لهذه المرحلة بانتخابات شفافة وعلنية على مستوى الشعب الحزبية أولاً، ومن ثم على مستوى الفروع الحزبية ثانياً".

وبدأت في شباط الماضي انتخابات الحزب على مستوى الأعضاء العاملين والشعب الحزبية في المحافظات، وتستمر حتى انتخابات أعضاء القيادة المركزية الجديدة للحزب التي تمت أمس السبت.

 

وأجريت العملية الانتخابية وسط عدم مبالاة شعبية بنتائجها التي من غير المتوقع أن تترك أيّ تأثير سلبي أو إيجابي على ملف الوضع المعيشي الذي بات يشكل بؤرة اهتمام المواطن السوري الوحيدة.

 

وينظر البعض إلى التغيير الحزبي الذي يجري العمل عليه على أنه خطوة جيدة في مسار التغيير الذي قد يكون مطلوباً إقليمياً ودولياً بهدف إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، بخاصة أنه تزامن مع تغيير أمني شهد خلال الأشهر الماضية إعادة هيكلة العديد من الأجهزة الأمنية تنفيذاً لخطة واسعة تستهدف في المقام الأول إعطاء انطباع للخارج بأن ثمة شيئاً يتغير في وجه العاصمة السورية بعد ما يقارب من عقد ونصف عقد من الحرب.

 

غير أن بعض المراقبين لا يخفون تشاؤمهم بأن كل ما جرى ويجري على صعيد الإصلاح الحزبي والأمني لا يتعدى كونه مجرد مكياج لإخفاء التشوهات التي أصابت بنية النظام السوري من دون معالجتها علاجاً شافياً.

 

ويرى هؤلاء أن كل التغييرات الهيكلية والإدارية التي تحدث في بنية السلطة والحزب تسير، وفق ما يسمى مشروع الإصلاح الإداري الذي تنفذه وزارة التنمية الإدارية بتوجيهات من بشار الأسد، وأن ما يحدث لن ينتج أي تغييرات سياسية أو إصلاح سياسي يُسهم في قبول النظام السوري لآليات محددة تسهم في إيجاد حل سياسي في البلاد. كما نقل تلفزيون سوريا المعارض عن مصدر حزبي.

وعلى اعتبار أن ما جرى وصف بأنه "قرارات استثنائية" من قبل بشار الأسد، قالت المصادر الحزبية إن الأسد "يحاول إحداث تغيير شكلي في هيكلية إدارته للسلطة، ليظهر بمظهر المصلح المحارب للفساد المنتشر في نظامه السياسي والأمني والاقتصادي".