رغم الافتقار إلى الأدلة.. اتهامات أوروبية لروسيا بتجنيد المدنيين لشن عمليات تخريبية
تتهم الدول الأوروبية روسيا باللجوء إلى المدنيين والسفن التجارية لمهاجمة مصالحهم، مثل مهاجمة البنية التحتية الحيوية كالاتصالات تحت البحر، ومنشآت الطاقة البحرية، وشبكات النقل والمنشآت العسكرية.فقد أصبح اكتشاف الهجمات الروسية المحتملة أمراً متزايد الصعوبة وفق الأوروبيين، لأن موسكو منذ أن شنت عمليتها العسكرية واسعة النطاق على أوكرانيا قبل عامين، لجأت أكثر إلى المدنيين، بحسب ما كشفه أشخاص مطلعون لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
بصمات روسية
ويرى المحققون الأوروبيون بشكل متزايد بصمات روسية حول أعمال التخريب المشتبه بها الأخيرة للبنية التحتية الاستراتيجية، لكنهم يكافحون من أجل الرد.
فيما يعد الرد على التهديدات الروسية السرية أمراً صعباً لأن الأدلة حول الهجمات المشتبه بها بما في ذلك الهجمات على خطوط أنابيب الغاز المقطوعة تحت البحر، وانقطاع الاتصال الحيوي بالإنترنت، وتعطيل شبكة السكك الحديدية، غالباً ما لا تكون حاسمة ومؤكدة.ومن بين الجناة المحتملين والمتورطين في مثل هذه الهجمات، السفن التجارية أو سفن الصيد التي كانت تمارس عمليات نقل بحري مشروعة على ما يبدو أو تصيد الأسماك بالقرب من منشآت حساسة في قاع البحر والتي تم تدميرها في نفس الوقت تقريباً، وفق التقرير.
بينما قال المحققون إن هؤلاء نادراً ما تكون لهم صلات مباشرة بالسلطات الروسية.
واتهمت الحكومات الأوروبية بعض الروس ووكلاء روسيا في حوادث أصغر، وأصبحت أكثر صراحة في اتهام موسكو بشن حرب هجينة، لكنها لم تصل إلى حد اتهام روسيا بشن هجمات محددة.
الافتقار إلى الأدلة
وفي أكثر الحوادث المشتبه فيها، دفع الافتقار إلى أدلة واضحة المسؤولين إلى ترك القضايا مفتوحة أو الإعلان عن أن التحقيقات غير حاسمة.كما تمتنع بعض الحكومات عن إلقاء اللوم على موسكو خوفا من تصاعد التوترات بشكل خارج عن السيطرة.
وغالباً ما تكون الهجمات المشتبه بها أقل من عتبة ما يمكن اعتباره أعمالًا عدوانية حربية لأنها تشمل سفناً مدنية، مع مشغلين يتحدثون عن طيب خاطر مع المحققين ويدعون البراءة.
فيما يتعين على المحققين والمدعين العامين أن يلبوا المعايير العالية التي تفرضها أنظمة العدالة الأوروبية فيما يتصل بالأدلة الجنائية، في حين تتصارع السلطات مع إنفاذ قوانين الأمن القومي ضد الجناة المحتملين الذين يستفيدون من حريات الديمقراطيات الغربية.
تجنيد المدنيين عبر وسائل التواصل
وقال المحققون إنه يتم تجنيد المدنيين العاديين عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل تليغرام، وكذلك من خلال وظائف الدردشة الخاصة بالألعاب الشهيرة عبر الإنترنت. ويظل المجندون في بعض الأحيان غير مدركين أنهم يعملون نيابة عن روسيا.ويعتقد بعض المسؤولين أن أحد أهداف موسكو هو نشر الخوف وانعدام الثقة من خلال الاضطرابات.
في المقابل يعتقد هؤلاء المسؤولين أن المسار الأكثر حكمة من الرد باتهام روسيا واحتمال نشر الخوف هو التزام الصمت بشأن الشكوك، رغم أن هذا النهج أثار انتقادات.
التجسس لصالح روسيا
يذكر أن ممثلي الادعاء الألمان اعتقلوا الشهر الماضي مواطنَيْن روسيَيْن وألمانيَيْن يشتبه في قيامهم بالتجسس لصالح موسكو، بهدف تعطيل المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا من خلال التخريب.
وقال مسؤولون أمنيون إن عدد سكان ألمانيا البالغ نحو 83 مليون نسمة، بينهم جالية روسية يبلغ عددها نحو أربعة ملايين نسمة، يستهدفهم ضباط التجسس في موسكو للتجنيد.كذلك اعتقل مسؤولون بولنديون في فبراير/شباط رجلاً يعمل لصالح المخابرات الروسية قالوا إنه خطط لارتكاب أعمال تخريب، بما في ذلك إضرام النار في منشآت في مدينة فروتسواف بغرب البلاد، وهي مركز إمداد كبير لأوكرانيا.
وحكمت محكمة بولندية أواخر العام الماضي على ستة رجال بالسجن بتهم التجسس.
سفينة صينية يديرها طاقم روسي
كما ربط المحققون الفنلنديون في الخريف الماضي، سفينة مسجلة في الصين يديرها طاقم روسي، بقطع خط أنابيب الغاز الطبيعي Balticconnector إلى البر الرئيسي لأوروبا.
ومع تقدم التحقيق وإبحار السفينة حول الدول الاسكندنافية عائدة نحو روسيا، اتصل الفنلنديون بنظرائهم النرويجيين بشأن شكوكهم.
وفكرت السلطات النرويجية في إجبار السفينة على الدخول إلى أحد موانيها للتفتيش، لكنها قررت في النهاية أنها تفتقر إلى أدلة واضحة.
وتابعت سفينة تابعة لخفر السواحل النرويجي الدب القطبي “نيونيو” أثناء مرورها ببنية تحتية بحرية حساسة.
وقال أحد المسؤولين النرويجيين إنه بعد أسبوع أو أسبوعين فقط، كان لديهم ما يكفي من الأدلة لإيقاف السفينة وتفتيشها، ولكن بحلول ذلك الوقت كان الأوان قد فات.