الإعلام العبريّ يتحدّث عن إشكاليّة ردود إسرائيل العسكريّة على الهجمات ضدّها... معايير تحكمها وضغوط تلجمها
لا زال الترقّب في لبنان وإسرائيل سيّد الموقف بانتظار العملية الإسرائيلية المرتقبة بعد حادثة مجدل شمس التي راح ضحيتها 12 طفلاً، وذلك إثر تهديد قادة إسرائيل، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يواف غالانت بـ"ردّ قاسٍ".
في هذا السياق، تحدّث إعلام عبري عن حادثة مجدل شمس والعملية المرتقبة، وتطرق المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى تهديدات نتنياهو وغالانت بـ"رد شديد" ضدّ "حزب الله"، معتبراً أنّ "الردّ متوقع قريباً، لكنّ شدّته وطبيعة ردّ "حزب الله"، سيمليا شكل المواجهة في الفترة القريبة".
وأشار إلى ضغوط أميركية وفرنسية وأخرى تمارس على إسرائيل كي يكون الردّ مدروساً والامتناع عن إشعال حرب إقليمية، "ففي المرّتين السابقتين تردّدت إسرائيل حيال الردّ واختارت في النهاية توجّهاً وسطياً".
وأضاف أن الهجوم الإسرائيلي في إيران رداً على الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة، في نيسان، استهدف مُركبات حيوية في منظومة الدفاع الجوي S-300، الموجودة حول منشآت البرنامج النووي الإيراني. والشهر الحالي، استهدفت إسرائيل خزانات وقود في ميناء الحديدة اليمني، "في ردّ شديد نسبياً على إطلاق الحوثيين مسيّرة باتجاه تل أبيب وأسفرت عن مقتل إسرائيلي واحد".
ولفت إلى أنّ "انتقادات تعالت على الرد داخل إيران واعتبرته أنه كان معتدلاً نسبياً. ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية الهجوم في اليمن على أنّه ملائم. وفي نهاية الأمر، كانت المعضلة نفسها موضوعة أمام صناع القرار في إسرائيل في كلّ مرة: كيف بالإمكان "تدفيع" العدو ثمناً كبيراً، بدون فتح جبهة بقوة عالية، تصرف التركيز عن القتال ضدّ #حماس في قطاع غزة، التي تصرّ حكومة نتنياهو على مواصلتها؟".
ووفقا لهرئيل، فإن "هذا هو التردد الحالي أيضاً. فقد خوّل الكابينيت السياسي – الأمني نتنياهو وغالانت والقيادة الأمنية باتخاذ القرار بشأن الردّ ضدّ "حزب الله" وتوقيته. رغم ذلك، لا تزال حدود الإمكانيات واضحة. ووفقاً للتقارير في وسائل الإعلام الدولية، الجميع يدرك أنّ إسرائيل ستهاجم. والدول العظمى الغربية تطلب أن يكون الهجوم محصوراً ضدّ أهداف عسكرية محددة، وألّا يتوسّع إلى درجة جولات قصف طويلة وألّا يشمل بيروت".
ووصف هرئيل تقرير وكالة الأسوشيتد برس، أمس، أنّ "حزب الله" بدأ بنقل صواريخه دقيقة استعداداً لحرب مع إسرائيل، بأنّه مقلق. "ومن الجائز أنّ هذا التقرير كان تلميحاً هدفه التحذير من هجوم إسرائيلي شديد. لكن من الواضح جداً أنّ كلا الجانبين يقفان عن حافة منحدر وقد ينزلقا إليه بسرعة".
سبّب تخلّف إسرائيل عن ردّ "عنيف" ضدّ "حزب الله"
وفقاً للمحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، إنّ الصاروخ الذي انفجر في مجدل شمس، "سقط هناك بالخطأ، وكان القصد استهداف جنود يهود"، معتبراً أنّ الحرب الحالية "معرّضة لأخطاء من هذا النوع"، وأنّ الجيش الإسرائيلي ارتكب "أخطاء" كهذه، بينها قتل جنوده في قطاع غزة ثلاث رهائن إسرائيليين و7 عاملي إغاثة دوليين، وأحداث أخرى مشابهة.
واعتبر أنّ الحكومة الإسرائيلية استُدرجت إلى حرب استنزاف مع "حزب الله"، ولم تبادر إلى حرب، بسبب "التخوّف من تدخل إيران بشكل واسع يلحق أضراراً كبيرة في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والضغط الأميركي، والنقص بالوحدات المقاتلة والذخيرة".
وحسب برنياع، فإنه "في الجيش الإسرائيلي فوجئوا عندما اكتشفوا أنّ نتنياهو يتعامل بشكل مختلف تجاه الجبهتين: في الجنوب يدفع من أجل إطالة القتال، متوهماً أنه في مرحلة معينة سيكون بإمكانه الادّعاء أنه وصل إلى انتصار مطلق؛ وفي الشمال يخشى من التورّط".
وأضاف أنه "من الناحية النظرية، الحكومة تنتظر صفقة مع حماس تؤدي إلى وقف هجمات "حزب الله" طواعية والعودة إلى الاتفاق 1701 الذي أنهى حرب لبنان في العام 2006، مع التعديلات المطلوبة. ونظرياً، لأنّ الحكومة نفسها تحبط الصفقة مع حماس، فإنّ اليد اليمنى تحبط اليد اليسرى".
وتساءل إذا كان يتعيّن على إسرائيل أن تستثمر مواردها في حرب ضدّ إيران بدلاً من أذرعها، "حماس و"حزب الله" وفي سوريا والحوثيين"، وأشار إلى أنّه "نعرف كيف نلسع إيران ولا نعرف كيف نؤلمها. ونحن نرفض أيّ تحالف إقليمي ضدّها. ومقابل محور الشرّ، نتنياهو يضع محور البكاء".
ورأى برنياع أنّ "السنوات العشر الأخيرة تتلخص بنجاح هائل للنظام الإيراني في المواجهة العسكرية والسياسية مع إسرائيل. فقد رسخت حلفها مع روسيا والصين، وتقدمت نحو قدرة نووية عسكرية، واستهداف الأذرع الإيرانية لإسرائيل وأمنها في الداخل ومكانتها في الخارج. ولا توجد إجابات لدى إسرائيل في هذه الأثناء على هذه التحدّيات. ونحن لسنا بحاجة إلى ردّ شديد، وإنّما إلى ردّ ناجع وفاعل".