بعد مقتل إبراهيم عقيل... قلق أممي ودعوات لوقف التصعيد ‏وضبط النفس

بعد مقتل إبراهيم عقيل... قلق أممي ودعوات لوقف التصعيد ‏وضبط النفس

إسرائيل تنفيذ ضربة "دقيقة" على ضاحية بيروت أدت إلى ‏‏"القضاء" على إبراهيم عقيل و"نحو عشرة مسؤولين" آخرين ‏في حزب اللبناني

أعلنت إسرائيل تنفيذ ضربة "دقيقة" على ضاحية بيروت ‏الجنوبية أدت إلى "القضاء" على إبراهيم عقيل و"نحو عشرة ‏مسؤولين" آخرين في حزب اللبناني، فيما أفادت السلطات ‏اللبنانية عن مقتل 14 شخصا وإصابة أكثر من ستين آخرين ‏في الغارة‎.‎

وتوجّه الغارة ضربة جديدة لحزب الله بعد انفجارات دامية هذا ‏الأسبوع لآلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستعملها ‏عناصره، في عملية حمّل مسؤوليتها لإسرائيل. ودعت الأمم ‏المتحدة التي أعربت عن "قلقها الشديد"، إلى "وقف التصعيد" ‏و"التزام أقصى درجات ضبط النفس". ‏

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "أغارت طائرات حربية ‏بشكل دقيق في منطقة بيروت وبتوجيه استخباري لهيئة ‏الاستخبارات العسكرية وقضت على المدعو إبراهيم عقيل ‏رئيس منظومة العمليات في حزب الله والقائد الفعلي لقوة ‏الرضوان في حزب الله". ‏

وأضاف في بيان آخر أنه مع عقيل تمت "تصفية نحو عشرة ‏مسؤولين من قوة الرضوان التابعة لحزب الله". ‏

وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعد الغارة ‏‏"أعداء" بلاده بأنهم لن يجدوا "ملاذا... حتى في الضاحية ‏ببيروت". ‏

وأكد حزب الله في بيان مقتل عقيل، قائلا إن "المقاومة ‏الإسلامية تقدم اليوم أحد قادتها الكبار شهيدا على طريق ‏القدس"، وهي عبارة يستعملها لنعي عناصره الذي يقتلون ‏بنيران إسرائيلية منذ بدء التصعيد الحدودي قبل أكثر من 11 ‏شهرا‎.‎

وكان مصدر مقرب من حزب الله أفاد أن عقيل قتل "خلال ‏اجتماع مع قادة" في الحزب‎.‎

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 14 شخصا ‏وإصابة 66 آخرين في الغارة الإسرائيلية على ضاحية ‏بيروت الجنوبية، مشيرة إلى أن عناصر الإنقاذ يتوقعون ‏العثور على المزيد من الضحايا تحت الأنقاض‎.‎

وهذا المسؤول العسكري الكبير الثاني في حزب الله الذي ‏تغتاله إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد فؤاد شكر، ‏منذ أن فتح الحزب المدعوم من طهران جبهة في جنوب لبنان ‏‏"إسنادا" لحليفته حركة حماس الفلسطينية في حربها ضد ‏إسرائيل في قطاع غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023‏‎.‎

كما أودت ضربة جوية منسوبة لإسرائيل في كانون الثاني ‏‏(يناير)، بنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح ‏العاروري مع ستة آخرين في ضاحية بيروت الجنوبية، أبرز ‏معاقل حزب الله‎.‎

وكانت الولايات المتحدة تعرض سبعة ملايين دولار ضمن ‏برنامج "مكافآت من أجل العدالة" لمن يقدم معلومات عن ‏إبراهيم عقيل الذي تصفه بأنه قائد "رئيسي" في الحزب وأحد ‏أعضاء "مجلسه الجهادي". وأشارت الى ضلوعه في تفجيرين ‏في بيروت استهدفا مقر السفارة الأميركية والمارينز عام ‏‏1983 وأسفرا عن مقتل مئات الأميركيين‎.‎

وأفاد مسؤول إسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ‏أرجأ موعد مغادرته الى الولايات المتحدة يوما واحدا إلى 25 ‏أيلول (سبتمبر)، بسبب الوضع الأمني‎.‎

 

 

‏"حساب عسير"‏‎ ‎

شاهد مصور من وكالة "فرانس برس" في موقع الغارة مبنى ‏منهارا ورجال الإنقاذ يقومون بإجلاء ضحايا وسط مشاهد ‏فوضى‎.‎

وقال رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي في بيان إن ‏‏"الاستهداف لمنطقة سكنية مأهولة يثبت مجددا أن العدو ‏الإسرائيلي لا يقيم وزنا لأي اعتبار إنساني وقانوني ‏وأخلاقي".‏

كما اعتبرت إيران أن "الهجوم الجوي الوحشي والخبيث الذي ‏شنه النظام الصهيوني على بيروت... هو انتهاك صارخ ‏لقواعد وأنظمة القانون الدولي وكذلك السيادة وسلامة أراضي ‏لبنان وأمنه الوطني".‏

بدورها، دانت حركة حماس "العدوان الإرهابي الغاشم"، ‏معتبرة أنه يشكل "جريمة جديدة ضمن مسلسل الجرائم ‏الصهيونية المتواصل... وتصعيدا للعدوان الصهيوني". ‏

ودان الحوثيون في اليمن "بشدة الغارة الإسرائيلية العدوانية ‏على الضاحية الجنوبية لبيروت"، وفق ما أفاد المتحدث ‏باسمهم محمد عبد السلام‎.‎

بعد الانفجارات التي طالت آلافا من أجهزة الاتصال اللاسلكية ‏التي يستخدمها أعضاء في حزب الله يومي الثلاثاء والأربعاء ‏في عملية نسبت إلى إسرائيل، تكثف القصف المتبادل منذ ‏الخميس بين الجيش الإسرائيلي والحزب اللبناني‎.‎

وأعلن الجيش الجمعة أنه تم إطلاق حوالى 140 صاروخا من ‏لبنان باتجاه إسرائيل بحلول منتصف النهار. وأعلن حزب الله ‏مسؤوليته عن هجمات صاروخية على عدة مواقع عسكرية ‏إسرائيلية، من بينها قاعدة استخباراتية‎.‎

وتوعّد الأمين العام للحزب حسن نصرالله الدولة العبرية ‏الخميس "بحساب عسير" بعد تفجيرات أجهزة الاتصال‎.‎

وقال نصرالله إن "العدو تجاوز بهذه العملية كل الضوابط ‏والقوانين والخطوط الحمراء"، متحدثا عن "جريمة كبرى" ‏وعن ارتكاب إسرائيل "مجزرة‎".‎

ولم تعلّق إسرائيل على التفجيرات التي وقعت في معاقل ‏حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية وكذلك في جنوب ‏وشرق لبنان وخلفت 37 قتيلا و2931 جريحا في يومين‎.‎

وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي طلبته الجزائر بعد ‏التفجيرات، وصف وزير الخارجية اللبناني الجمعة الواقعة ‏بأنها هجوم "إرهابي" وحمل إسرائيل مسؤوليته‎.‎

وقال عبد الله بوحبيب أمام المجلس إن التفجيرات تعد "أسلوباً ‏قتالياً غير مسبوق في وحشيته، وإرهابه. إن استهداف آلاف ‏الأشخاص من مختلف الفئات العمرية، وفي مناطق واسعة ‏ومكتظة بالسكان تشمل كافة المناطق اللبنانية، أثناء ممارستهم ‏لحياتهم اليومية في المنازل، والشوارع، وأماكن العمل، ‏ومراكز التسوق، هو الارهاب بعينه".‏

خلال الاجتماع أيضا، شدد المفوض السامي لحقوق الإنسان ‏في الأمم المتحدة فولكر تورك على أن القانون الدولي يحظر ‏‏"تفخيخ" أجهزة مدنية الطابع‎.‎

وأكد أن "ارتكاب أعمال عنف تهدف إلى نشر الرعب بين ‏المدنيين يعد جريمة حرب". ‏

 

 

‏"مشهد مرعب‎" ‎

مساء الخميس، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على جنوب ‏لبنان، قائلة إنها استهدفت خصوصا منصات إطلاق صواريخ ‏تابعة لحزب الله وأصابت "حوالى 100 منصة إطلاق" وبنى ‏تحتية عسكرية أخرى‎.‎

وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، قصفت الطائرات ‏الإسرائيلية جنوب البلاد 52 مرة على الأقل‎.‎

وتحدث إيلي رميح (45 عاما)، وهو صاحب محل ألبسة في ‏بلدة مرجعيون ويقع منزله في منطقة مكشوفة، عن "مشهد ‏مرعب ولا يشبه ما عشناه منذ بدء التصعيد" بين حزب الله ‏وإسرائيل في تشرين الأول (أكتوبر) 2023‏‎.‎

وجاءت الموجة الأولى من الانفجارات في أجهزة الاتصال ‏التي يحملها عناصر في حزب الله الثلاثاء بعيد إعلان إسرائيل ‏أنها توسع أهدافها الحربية إلى الجبهة الشمالية، للسماح ‏لعشرات الآلاف من السكان الذين نزحوا بسبب القصف ‏بالعودة إلى ديارهم‎.‎

وكانت الأهداف الرئيسية المعلنة حتى ذلك الحين هي تدمير ‏حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ عام 2007، وإعادة ‏الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني‎.‎

أكد الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة أنه "يعمل" على إتاحة ‏عودة السكان إلى منازلهم في المناطق الحدودية في جنوب ‏لبنان وشمال إسرائيل‎.‎

وقال بايدن للصحافيين إنه يريد "التأكد من أن الناس في شمال ‏إسرائيل وكذلك جنوب لبنان قادرون على العودة إلى منازلهم، ‏والعودة بأمان"، مؤكدا أن "وزير الخارجية ووزير الدفاع ‏وفريقنا بأكمله يعملون مع مجتمع الاستخبارات لمحاولة إنجاز ‏ذلك‎".‎

وتابع "سنواصل العمل حتى ننجزه، لكن أمامنا طريق طويل ‏لنقطعه‎".‎

وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله توجه الى قادة ‏إسرائيل بالقول الخميس إن "جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف ‏العدوان على غزة (رغم) كل هذه الجراح وكل هذه الدماء... ‏لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال الى الشمال.. وافعلوا ما ‏شئتم... لا تصعيد عسكري ولا قتل ولا اغتيالات ولا حرب ‏شاملة تستطيع أن تعيد السكان الى الحدود‎".‎