"لبنان على حافة الهاوية: دعوة للوعي والعمل".
بقلم عبد الحميد عجم
في ظل الأحداث المتلاحقة، يبدو أن جبهة الإسناد التي ادعت دعمها لغزة تحتاج إلى دعم حقيقي. فقد أظهر الواقع أن هذه الجبهة لم تكن على مستوى التحديات، بل انسحبت إلى لبنان، تاركةً ساحة المعركة غير محسوبة العواقب. كان من المفترض أن تتحلى هذه الجماعات بالحرص على الوطن اللبناني بدلاً من السعي وراء مصالح إيران ومشاريعها.
منذ الثامن من أكتوبر وحتى اليوم، لم تقدم هذه الجماعات شيئًا لقطاع غزة، بل جلبت إلى لبنان الحرب والدمار. السؤال المطروح: ماذا قدمنا للبنان؟ تدمير، موت، ومعاناة لم تشهدها البلاد من قبل. في النهاية، نواجه خيارين: إما أن تحقق إسرائيل مكاسبها في هذه الحرب، مما يعني خسارة لحزب الله، أو أن يلتزم الحزب بتطبيق القرار الدولي 1701، متخليًا عن الدماء التي تسفك.
تظهر الحرب أن الشعارات التي رفعها حزب الله حول كونه "حامي لبنان" لم تكن سوى أوهام. فمع أن الحزب قد يؤذي إسرائيل، إلا أنه عجز عن بناء منظومة دفاع حقيقية تحمي اللبنانيين. لقد حول لبنان إلى ساحة اشتباك، وجعل من الطائفة الشيعية وقودًا للصراع.
في بعلبك الهرمل، ما زالت الجثث تحت الركام، بينما يعاني اللبنانيون من فقدان الأمل في الأمن. هذا التوجه للحرب لم يكن قرارًا جماعيًا، بل فرديًا، يُفرض على اللبنانيين.
وعند النظر إلى الأوضاع في غزة، نكتشف أن الادعاء بدعمها كان كاذبًا. فغزة أصبحت في حالة دمار، وسكانها مشردون. إن إدعاء الإسناد لم يعد سوى خطاب فارغ.
إيران، من جانبها، تركز على مصالحها في المفاوضات مع الأمريكيين، ولا تهتم بمصالح اللبنانيين. إذًا، أين موقف حزب الله من هذه المعادلة؟ يتوجب عليه أن يتحمل مسؤولياته، ويعلن التزامه بتطبيق القرارات الدولية 1559 و1701، لإنهاء المعاناة التي يتعرض لها اللبنانيون.
المعركة في لبنان ليست متكافئة، وقد أثبتت الأحداث أن التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية قد تفوقت، مما يكشف عجز حزب الله في الحفاظ على أمن لبنان. ومع ذلك، يتهم الحزب اللبنانيين بالعمالة في حين أن قيادته قد تكون متورطة في الخيانة.
لإنهاء هذه الأزمة، يتطلب الأمر خطوات جادة من جميع الأطراف. أولاً، يجب على حزب الله أن يتبنى موقفًا وطنيًا، وأن يتفاوض مع الدولة اللبنانية حول كيفية إدارة الوضع الأمني والسياسي.
ثانيًا، ينبغي تعزيز الحوار الوطني الشامل بين جميع المكونات اللبنانية، مع التركيز على بناء دولة قوية تضمن حقوق جميع المواطنين وتحقق الاستقرار.
ثالثًا، يجب أن يتم تقديم الدعم الإنساني الفوري للمتضررين في لبنان وغزة، من خلال مؤسسات المجتمع المدني والتعاون الدولي.
أخيرًا، حان الوقت لكي ينخرط الشيعة في مشروع الدولة، بعيدًا عن دويلة الحزب التي تحولت إلى أداة دمار. إن بناء لبنان يستلزم الشراكة بين جميع مكوناته، وهو ما أثبتته الوقفات التاريخية للبنانيين في مواجهة التحديات.
لنغتنم هذه الفرصة لإنهاء المعاناة، ولنضع مصلحة لبنان فوق أي اعتبارات أخرى.