بين جوزف عون ونواف سلام... هل يسقط زمن برّي وحزب الله؟
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

منذ 9 كانون الثاني، مع انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية،
ومع تكليف القاضي النزيه نواف سلام بتشكيل الحكومة،
بدأ لبنان فعلياً يحجز مكانه في مرحلة جديدة: مرحلة الدولة.
لكن في ظل هذا التحول التاريخي، تقف قوى الأمر الواقع القديمة في حالة ارتباك،
يتصدرها نبيه برّي، ممسكًا براية "الحوار"، ومستعينًا بشبح السلاح،
في محاولة مكشوفة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
برّي، الذي تَمكن لعقود من التلاعب بخطوط التماس بين الحرب والسلام،
يُحاول اليوم أن يقنع اللبنانيين أن زمن السلاح لم ينتهِ،
وأن البندقية لا تزال الضامن الأول لبقاء لبنان.
أي سخرية هذه؟
اللبنانيون لم يعودوا يهابون معادلات الفوضى المسلحة.
ولا يخافون شعارات حماية السلاح بحجة حماية الوطن.
لقد رأوا بأعينهم أن السلاح الخارج عن الشرعية كان الرافعة الكبرى للفساد والانهيار.
اليوم، يحتمي نبيه برّي خلف خطاب مزدوج:
يتحدث عن الحوار، لكنه يشترط بقاء السلاح حتى تنفيذ شروطه.
يدّعي الحرص على الدولة، بينما يرفض تسليم مفاتيح قرارها للشرعية المنتخبة.
وفي الخلفية، يقف حزب الله، متحفزًا،
يراقب مسار الجمهورية الجديدة،
مدركًا أن ولادة مشروع دولة واحدة، بجيش واحد، وسلطة واحدة،
تعني بالضرورة نهاية زمن "الساحات المفتوحة" والقرارات المصادرة.
مع انتخاب جوزف عون رئيساً،
وتكليف نواف سلام رئيساً للحكومة،
بدأت تتبلور معادلة جديدة تُرعب منظومة السلاح والفساد:
لا دولة مع بنادق خارج الشرعية.
ولا كرامة مع اختطاف القرار الوطني.
ولا استقرار مع دويلات رديفة داخل الوطن.
نبيه برّي وحزب الله اليوم يقاتلان معركة بقاء، لا معركة خيارات سياسية.
لأن الجمهورية الثالثة التي يولدها اللبنانيون،
تعني سقوط منظومة بنيت على القوة لا على القانون،
وعلى الولاء للخارج لا على الانتماء للبنان.
ولأن لبنان قرر أخيرًا أن يستعيد نفسه،
لا مكان بعد اليوم لأولئك الذين يفاوضون بشعارات بالية،
أو يحتمون بترسانات السلاح ضد رغبة شعب يبحث عن وطن لا عن جبهة قتال.
الرئيس جوزف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام،
هما التعبير الصادق عن لبنان الجديد:
لبنان السيادة الكاملة، والشرعية الواحدة، والحرية غير القابلة للمساومة.
في المقابل،
برّي وحزب الله يقاتلون ظلال أنفسهم.
يقفون على أنقاض زمن لم يعد له مكان في ذاكرة وطن جريح.
اللبنانيون والعرب يعرفون اليوم أن لحظة الحقيقة قد حانت:
إما انتصار مشروع الدولة،
أو استمرار مشروع الخراب...
ولا خيار ثالث.