سوريا تتخلص من إرث المخدرات

سوريا تتخلص من إرث المخدرات

شهدت سوريا تطورًا لافتًا في جهود مكافحة تجارة المخدرات بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، حيث أعلنت السلطات الجديدة حرق كميات ضخمة من المواد المخدرة، بما في ذلك نحو مليون حبة كبتاغون، كانت تُنتج على نطاق واسع خلال حكم الأسد. يأتي هذا في إطار حملة موسعة تهدف إلى تطهير البلاد من المخدرات، التي كانت تعدّ جزءًا رئيسيًا من اقتصاد النظام السابق. أفاد مصدر في إدارة الأمن العام، في تصريح لـ”العربية”/”الحدث”، أن “الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية الجديدة عثرت على مستودع ضخم يحتوي على مواد مخدرة أثناء عمليات التمشيط الأمني في العاصمة دمشق، وبالتحديد في منطقة كفرسوسة التي كانت تعدّ مركزًا أمنيًا حساسًا خلال النظام السابق.” نشرت “العربية”/”الحدث” صورًا حصرية تُظهر كميات كبيرة من المخدرات، بما في ذلك القنب الهندي وأكياس تحتوي على عقار الترامادول وحبوب كبتاغون وردية اللون، وهي تُحرق للتخلص منها نهائيًا. كما أكد المتحدث باسم قائد العمليات العسكرية في سوريا استمرار الجهود لتحديد مواقع المخدرات المتبقية وإتلافها. تجارة المخدرات في عهد الأسد الكبتاغون، المعروف باسم “كوكايين الفقراء”، كان يُعتبر العمود الفقري لتجارة المخدرات في سوريا تحت حكم بشار الأسد. فقد كانت البلاد المصدر الرئيسي لهذه الحبوب، التي أصبحت معروفة في المنطقة بلقب “الدولة الكبتاغونية”. وتشير التقديرات إلى أن “تجارة الكبتاغون كانت تدرّ أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا على النظام السابق، إذ شكلت 80% من استهلاك المخدرات في منطقة الشرق الأوسط.” أشارت تقارير إلى أن الأردن، باعتبارها دولة مجاورة، كانت واحدة من أكثر الدول تضررًا من تهريب الكبتاغون، إذ اعترضت السلطات الأردنية 65 مليون حبة كبتاغون في عام 2022 وحده، جميعها قادمة من سوريا. النظام الجديد وتعهدات بمكافحة المخدرات بعد الانهيار السريع لنظام الأسد في 8 ديسمبر الجاري على يد فصائل مسلحة، بدأت السلطات الجديدة في سوريا حملة واسعة النطاق لمكافحة المخدرات. وتركزت الجهود في تفتيش مستودعات وقواعد عسكرية تابعة للنظام السابق، حيث عُثر على كميات هائلة من الكبتاغون والمواد المخدرة الأخرى. أكدت القيادة الجديدة التزامها بالقضاء على تجارة المخدرات التي كانت جزءًا من إرث النظام السابق. وأشار مصدر أمني إلى أن هذه الجهود ليست مجرد حملة مؤقتة، بل خطوة استراتيجية لبناء سوريا جديدة خالية من تجارة المخدرات والفساد الذي ارتبط بها لعقود. عقوبات دولية وأبعاد إقليمية إلى جانب الجهود المحلية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من المسؤولين السوريين المشتبه بتورطهم في تجارة المخدرات. كانت واشنطن قد أعلنت أن تجارة الكبتاغون لم تكن مجرد نشاط إجرامي، بل جزءًا من استراتيجية اقتصادية لنظام الأسد لتمويل العمليات العسكرية والحفاظ على السيطرة في مواجهة العقوبات الدولية. التخلص من هذه الكميات الضخمة من المخدرات يمثل خطوة مهمة في طي صفحة مظلمة من تاريخ سوريا. كما أن هذه الإجراءات ترسل رسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأن سوريا الجديدة تتجه نحو نهج أكثر شفافية ومسؤولية، بعيدًا عن السياسات التي جعلت من البلاد مركزًا إقليميًا لتجارة المخدرات. تحديات ما بعد الكبتاغون رغم هذه الجهود، تواجه سوريا تحديات كبيرة في إعادة بناء سمعتها الاقتصادية والأمنية. إذ تتطلب مكافحة تجارة المخدرات بنية تحتية قانونية قوية، وتعزيز التعاون مع الدول المجاورة التي لا تزال تعاني من آثار هذه التجارة. ومع استمرار العمل على التخلص من المخدرات المتبقية، يبقى السؤال مفتوحًا حول قدرة النظام الجديد على فرض سيطرته وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. في النهاية، يُنظر إلى هذه الخطوة كإشارة أولى على التزام الحكومة الجديدة بإعادة بناء سوريا على أسس مختلفة، بعيدة عن تجارة المخدرات والأنشطة الإجرامية التي كانت سمة مميزة للنظام السابق.