“قيصر” يفجر غضباً سورياً.. “أوقفوا المسلسل”

على مدى الساعات الماضية، أثار خبر إنتاج مسلسل مستوحى من قصة “قيصر” موجة واسعة من الجدل والاستياء في الأوساط السورية، حيث انشغل مئات السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليق على هذا العمل الدرامي، الذي يتناول قصة الضابط فريد المذهان، المعروف باسم “قيصر”، والذي انشق عن نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وتمكن من تهريب آلاف الصور التي توثق جثث المعتقلين الذين لقوا حتفهم تحت التعذيب في السجون السورية.
مع انتشار الأنباء حول هذا المسلسل، ازدادت حدة الاستنكار، خاصة بعد تسريبات عن مشاركة بعض الممثلين الذين وُصفوا بأنهم كانوا من مؤيدي الأسد، مما أثار غضب شريحة واسعة من السوريين الذين رأوا في هذا الأمر محاولة غير مقبولة لاستغلال معاناة المعتقلين وأسرهم في عمل درامي يهدف لتحقيق أرباح تجارية أكثر من كونه يسعى لتوثيق الحقيقة أو خدمة القضية.
استثمار المعاناة والانتقادات الفنية
قد وجّه العديد من السوريين انتقادات لاذعة إلى فكرة المسلسل، معتبرين أنه يمثل استثمارًا لمعاناة الآلاف من الأسر والمعتقلين والمفقودين في السجون السورية، دون مراعاة لحرمة هذه القضية الإنسانية. كما لم تسلم جودة العمل نفسه من النقد، إذ أعرب البعض عن استيائهم من سرعة كتابته وتصويره، معتبرين أنه لم يُمنح الوقت الكافي ليُقدَّم بمستوى فني ولغوي لائق، بل جرى إعداده بشكل متسرع.
كما برزت اعتراضات على مشاركة بعض الأسماء الفنية، لا سيما الممثل غسان مسعود، حيث زعم بعض الناشطين أنه كان من المدافعين عن نظام الأسد في الماضي، مما جعله شخصية غير مناسبة للمشاركة في عمل يتناول انتهاكات النظام السوري.
مطالبات بوقف التصوير
في ظل هذا الجدل، تعالت الأصوات المطالبة بوقف تصوير المسلسل، الذي تحمل أولى ثلاثياته عنوان “درب الألم”، وهو من تأليف زهير الملا، وإخراج صفوان نعمو. ويشارك في بطولته إلى جانب غسان مسعود كل من رامي أحمر، ودانا مارديني، وغيرهما.
قيصر يرفض المسلسل رسميًا
في تطور لافت، دخل قيصر بنفسه على خط الجدل، حيث أصدر بيانًا عبر حساب يحمل اسمه على منصتي “إكس” و”فيسبوك”، أكد فيه أنه لم يمنح أي جهة الإذن لتصوير قصته، مشددًا على أنه لا علاقة له بهذا المشروع الدرامي.
بعد تصاعد الضغوط والغضب الشعبي، أعلنت اللجنة الوطنية للدراما في سوريا عن إيقاف تصوير مسلسل “قيصر” بشكل مؤقت، وذلك بعد أيام قليلة من انطلاقه، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
الخلفية التاريخية لقصة قيصر
يُذكر أن فريد المذهان، الذي ظل لسنوات يُعرف باسم “قيصر”، كشف عن هويته الحقيقية في كانون الثاني 2025، وذلك بعد تسريب 55 ألف صورة توثق عمليات التعذيب والانتهاكات بحق المعتقلين في السجون السورية، وخاصة في صيدنايا، الذي يُعرف بـ”المسلخ البشري”، إضافة إلى عدد من المشارح الطبية بين عامي 2011 و2013.
قد أدت هذه التسريبات إلى فرض الولايات المتحدة الأميركية قانونًا يحمل اسمه، وهو “قانون قيصر”، الذي صدر عام 2020، وفرض عقوبات مشددة على النظام السوري السابق، مستندًا إلى الوثائق والصور التي قدمها قيصر كأدلة دامغة على الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحق المعتقلين.
استمرار الجدل والمصير المجهول للمسلسل
مع استمرار تصاعد الجدل حول المسلسل، يبقى مصيره غير واضح، خاصة في ظل المعارضة الواسعة التي يواجهها. فهل سيتم إيقافه نهائيًا، أم ستتم إعادة النظر في طريقة تنفيذه؟ وهل سيتمكن القائمون عليه من إقناع الجمهور بأن هدفهم ليس الاستغلال التجاري بل توثيق الحقيقة؟ تبقى هذه التساؤلات مفتوحة، بينما تستمر ردود الفعل الرافضة لهذا العمل على نطاق واسع.