سماء طرابلس ملبّدة... واللوائح تبيعنا الوهم من جديد!

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

سماء طرابلس ملبّدة... واللوائح تبيعنا الوهم من جديد!

في مدينتنا التي لا تنام على ضوء، ولا تصحو على إنماء، تُقام انتخابات بلدية جديدة... لكن أي انتخابات هذه؟ طرابلس اليوم ليست أمام استحقاق ديمقراطي، بل أمام مسرحية منقوصة، أبطالها وجوه مكرّرة، يلبسون قناع "الإصلاح"، بينما هم أنفسهم مهندسو الخراب.

 

من "رؤية طرابلس" إلى "طرابلس عاصمة"، ومن "لطرابلس ونهضتها" إلى "نسيج طرابلس"، ومن "ثوار 17 تشرين" إلى لائحة محمد المجذوب... كلها أسماء تُطلق بخطّ عريض، لكن الواقع أضيق من الأمل، وأقبح من العنوان.

 

اللوائح تتكاثر، لكن المدينة تموت

 

في هذه الانتخابات، تتصارع ست لوائح على مقاعد بلدية طرابلس وكأنها غنيمة لا مدينة. كل طرف يرفع شعارات التغيير، لكنه لا يستطيع حتى أن يُقنع جمهوره بصور انتخابية قبل 48 ساعة من الموعد! بعض اللوائح لا تضم مسيحيين، وبعضها يفتقر إلى خطة، وأكثرها تسير بخيوط النواب، كالدمى المتحركة... والناخب الطرابلسي؟ غائب، مغيّب، ساخط.

 

لم نرَ مشروعًا واحدًا لمعالجة النفايات، الكهرباء، مياه الشرب، البطالة، التهريب، الزبائنية، أو حتى إحياء وسط المدينة الميت. فقط وعود في الهواء، وخطابات ممجوجة، ومؤتمرات صحفية مرتجلة.

 

لائحة "النواب" = إعادة تدوير للفشل

 

حين تتحدث لائحة "رؤية طرابلس" عن المستقبل، تذكّرنا بحاضر من الانهيار كانوا شهوده وصانعيه. ماذا قدّم النواب الداعمون لها للمدينة منذ 2019؟ أين مشاريع الإنماء؟ لماذا ما زالت طرابلس تتصدّر نسب الفقر؟ لماذا يُهاجر شبابها بلا عودة؟ بل ما الذي تغيّر في عهدهم سوى المقرّبين والمحاسيب؟

 

لوائح "المجتمع المدني" في سبات؟

 

أما لائحة "لطرابلس ونهضتها"، فجمعت خليطًا غير متجانس من "الجماعة الإسلامية" و"حراس المدينة" و"اتحاد الشباب"، لكنها لم تُقدّم برنامجًا واحدًا عمليًا. شعار "النهضة" جميل، لكن كيف؟ وبأي تمويل؟ وأين هو المخطط الهيكلي الذي يُقنع الناس؟

 

لائحة "نسيج طرابلس" تدّعي الاستقلالية، لكنها مدعومة من نائب هو ذاته جزء من السلطة التشريعية الفاشلة... فهل التغيير يأتي من أحضان الطبقة نفسها؟

 

"ثوار تشرين": شعارات بلا خريطة!

 

لائحة "ثوار 17 تشرين" تبدو الأقرب لروح الانتفاضة، لكنها تفتقر للتنظيم، والخطاب الموحد، ولم تنجح حتى في تكوين لائحة كاملة. لا يكفي أن نهتف "كلّن يعني كلّن"، نريد خططًا وميزانيات ومقاربات مدروسة. الثورات لا تُدار عبر الفايسبوك.

 

طرابلس ليست سلعة انتخابية

 

كفى تلاعبًا بمشاعر الناس. كفى وعودًا لا تُنفّذ. كفى وجوهًا من الماضي تعيد إنتاج ذاتها عبر المال الانتخابي، التشطيب الطائفي، والتجييش الغرائزي.

 

المدينة بحاجة لمجلس بلدي من مهندسين، مخططين، بيئيين، إداريين، ونقابيين، لا من مهرّجي السياسة.

 

الشعب يراقب... والسماء لا تغفر

 

طرابلس التي اختنقت بالحرائق والفقر، لا تحتاج إلى لائحة بلدية، بل إلى ضمير حيّ. سماؤها ملبّدة ليس فقط بالغيوم، بل بأكاذيب المرشحين وخطايا السنوات الماضية. فهل سيتحرّك الناخب الطرابلسي، أم سيُسلّم عنقه لمن خانوه مرارًا؟

 

الكرة في ملعب الشارع. الصندوق هو سلاح التغيير، لا ورقة عبور للمتسلّقين.