سلاح "حزب الله" يُشعل الكواليس: عيد القيامة بلا قيامة سيادية؟

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

سلاح "حزب الله" يُشعل الكواليس: عيد القيامة بلا قيامة سيادية؟

رغم الأجراس التي قرعت على وقع احتفالات عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية كافة، فإن الجرس الأثقل رنّ في مكان آخر: ملف "سلاح حزب الله" عاد إلى الواجهة، لا من بوابة الداخل فقط، بل من شرفة الخارج الأميركي الساخنة.

 

بين الكنائس المزينة وصور العيد، كان الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، يرسم حدود "المقدس" من نوع آخر: السلاح "غير القابل للنقاش". بكلمات صريحة، جدد الحزب رفضه لأي حوار حول تسليم سلاح "المقاومة"، واضعًا شروطًا مسبقة لأي نقاش يُعنى بالاستراتيجية الدفاعية. وبينما كانت الأنخاب تُرفع للسلام، تهاوى صمت الدولة الرسمية التي وجدت نفسها أمام إحراج مزدوج: من جهة، التزاماتها أمام الداخل والدستور، ومن جهة أخرى، إحراج دولي يتنامى بحدة.

 

رئيس الحكومة نواف سلام، اختار معايدة اللبنانيين بكلمات تنضح أملاً، قائلاً: "كلنا عزم على بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها"، لكنّ كلماته بدت أقرب إلى دعاء منها إلى قرار، في ظل واقع سياسي لا يزال يراوح في منطقة رمادية تُخيف ولا تطمئن.

 

وإذا كانت الرسائل الداخلية مشبعة بالإحراج، فإن الرسائل الخارجية جاءت بالنار. نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، دخلت المشهد بسجال ناري غير مسبوق مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي طالما مثّل صوتاً وسطياً ومُهادِناً. لغة أورتاغوس الهجومية، المُلفتة في توقيتها وحدّتها، أخرجت السجال من دائرة الخلاف اللبناني الداخلي، إلى مواجهة مفتوحة مع اللاعب الإقليمي – وربما العالمي – الذي يمثله الحزب.

 

هكذا، وبين الصلوات والمواقف المتضاربة، بدا أن لبنان يحتفل بقيامة العيد، لكنه يتأخر عن قيامة الدولة. إذ كيف يمكن أن تنهض مؤسسات سياسية وأمنية، في ظل ازدواجية السلاح والسيادة؟ وكيف تقنع الدولة مواطنيها والعالم بقدرتها على الإصلاح، فيما سلاحها الشرعي لا يزال ينازع سلاحًا آخر "أعلى صوتًا"؟

 

الرسالة باتت واضحة: لا حلول ممكنة دون حسم مصير السلاح. لا سيادة جزئية، ولا دولة نصف شرعية. وهذا ما بدأت تلتقطه دوائر القرار الدولي، حيث يعود لبنان إلى طاولات النقاش الكبرى، لا كمجرد أزمة اقتصادية، بل كـ"نموذج مأزوم" لمعضلة الدولة غير المكتملة.

 

في الخلاصة، لبنان لا ينقصه الأعياد، بل تنقصه القدرة على ترجمتها إلى معالم دولة حقيقية. أما سلاح "المقاومة"، الذي تحوّل إلى عقدة وطنية، فهو ليس مجرّد ملف على طاولة حوار مؤجلة، بل معركة وجود بين من يرى في الدولة ملاذًا نهائيًا، ومن يراها تفصيلاً تكتيكياً.