“قطر غيت” أمّ الفضائح.. والمخفي أعظم:

“قطر غيت” أمّ الفضائح.. والمخفي أعظم:

مع استمرار التحقيق في قضية حصول دولة قطر على معلوماتٍ سريّةٍ وحساسّةٍ للغاية من دولة الاحتلال، عبر عددٍ من أقرب المُقربين لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بدأت تتكشّف معلوماتٍ جديدةٍ عن القضية، التي باتت القضية المُلتهبة لدى الرأي العام الصهيونيّ في الكيان، وفي تطوّرٍ لافتٍ للغاية أكّدت مصادر أمنيّة وسياسيّة مطلعة جدًا في تل أبيب أنّ المؤسسة الأمنيّة في دولة الاحتلال تخشى جدًا من أنّ المخابرات القطريّة قامت بتجنيد وتفعيل اثنيْن من المتورّطين في القضية، وهما يخدمان في جهاز الأمن العّام (شاباك)، لجمع المعلومات ونقلها للدوحة في زمن الحرب، مُضيفةً في الوقت عينه أنّ المحققين يقومون بفحص كيفية وآلية انتقال الأموال من قطر إلى كيان الاحتلال، مع التشديد على أنّ المخابرات القطريّة استخدمت أسماءً مستعارةً للعملاء للالتفاف على القانون في تل أبيب.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّت المصادر عينها، وفق ما انفردت بنشره صحيفة (هآرتس) العبريّة، اليوم الجمعة، على أنّ سلطات الضرائب في إسرائيل تُشارِك هي الأخرى في التحقيق المُتشعِّب، فيما ستقوم الشرطة الإسرائيليّة قريبًا جدًا بالتحقيق مع آخرين، ومن بينهم الجنرال المتقاعد يوآف مردخاي، منسّق أعمال الحكومة في المناطق المحتلّة والناطق العسكريّ سابقًا، الذي بحسب الشبهات لعب دور الوسيط بين المخابرات القطريّة وبين مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال عملهما مع المخابرات القطريّة.

ولفتت المصادر أيضًا إلى أنّ التطورًات الأخيرة شملت اعتقال عميلاً سابقًا للموساد بتهمة تلقي الرشاوى، والاتصال مع عميلٍ أجنبيٍّ وتبييض الأموال، وأمرت المحكمة المركزيّة في مدينة اللد بتمديد اعتقاله حتى يوم الاثنين القادم، وفقًا لما أكّدته المصادر.

علاوة على ما ذُكِر، فإنّ انشغال الساسة من الائتلاف والمعارضة في هذه الفضيحة، التي بكلماتٍ أخرى تؤكِّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ دولةً عربيّةً تمكنّت من اختراق قدس أقداس المؤسسة الإسرائيليّة والحصول على معلوماتٍ خطيرةٍ عن مجريات الأمور داخل الغرف المغلقة في تل أبيب، يؤكِّد أنّ وراء الأكمة ما وراءها.

ويتبيّن من مجريات التحقيق، كما أفادت وسائل الإعلام العبريّة، نقلاً عن مصادر إسرائيليةٍ وُصِفَت بأنّها مطلعة للغاية، أنّ المقربين، الذين كانوا على علاقةٍ قويّةٍ ووطيدةٍ مع القطريين، ساهموا أولاً في تجميل صورة الدولة الخليجيّة قبل انطلاق المونديال بالدوحة في العام 2022، واستمرت العلاقة بين الطرفيْن بعد ذلك، حيثُ أنّه وفق الاشتباه، عمل المُقرّبون من نتنياهو بواسطة تسريباتٍ للصحافة العبريّة على إعلاء شأن قطر في مفاوضات تحرير الرهائن الإسرائيليين المأسورين لدى (حماس)، بالمقابل شدّدّوا على أنّ الدور المصريّ في المفاوضات، مقارنةً بالقطريّ، كان هامشيًا، وفق المصادر.

على صلةٍ بما سلف، مددت محكمة الصلح في إسرائيل، اعتقال اثنين من مستشاري رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لثلاثة أيام، لاستمرار التحقيقات من قبل الشرطة الإسرائيليّة و(الشاباك) في القضية التي أطلق عليها الإعلام اسم (قطر غيت)، ووصف المحلل السياسيّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، يوسي فارتر، اليوم الجمعة، نتنياهو بأنّه فقد السيطرة على زمام الأمور وأنّه بات يتصرّف بشكلٍ هستيريٍّ خطيرٍ.

وبدأت التحقيقيات قبل أكثر من شهرين، لكن التحول اللافت في هذه القضية هو إصدار مذكرة اعتقال بحق هذين المستشارين، وهو ما يعتبر تطورًا مهمًا يدل على وجود مواد كثيرة قد تثبت تورطهما.

والرجلان المشتبه بأنهما مرتبطان بالقضية، هما يوناتان أوريخ، وإيلي فيلدشتاين، وكلاهما مساعدان لنتنياهو الذي أدلى بشهادته في القضية ذاتها، أمّا الثالث فقد هرب إلى صربيا، حيثُ يمكث هناك، علمًا بعدم وجود اتفاق تسليم مشبوهين ومجرمين بين الدولتيْن.

وبحسب هيئة البث العامة الإسرائيلية، فإنّ نتنياهو ليس مشتبهًا به في القضية، ويطال تحقيق (قطر غيت) أعضاء في الحكومة يشتبه بأنّهم تلقوا أموالاً من قطر للمساهمة في الترويج لها، وفق وكالة الصحافة الفرنسيّة، التي اعتمدت على مصادر مطلعةٍ في دولة الاحتلال.

يُشار إلى أنّ القانون الإسرائيليّ لا يعتبر قطر دولة عدوّ، ومع ذلك فقد تمّ اتهام المشبوهين بالتعامل والتخابر مع عميلٍ أجنبيٍّ لأنّ المواد التي حصلت عليها قطر تمسّ مسًّا سافرًا بأمن دولة الاحتلال.

وكان رئيس الوزراء القطريّ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد صرح مؤخرًا أنّ التغطية الإعلاميّة لما يُعرف بفضيحة (قطر-غيت) هي مجرّد بروباغندا إعلاميّة لأغراضٍ سياسيّةٍ لا أساس لها من الصحة. إن السياسيين المتطرفين في إسرائيل يوجهون اتهامات إلى الدوحة، متناسين دورها في الإفراج عن الرهائن”.

وأكّد أنّ “هناك حملة علاقات عامّة تُشّن ضدّ قطر في إسرائيل”، زاعمًا أنّ “عقود قطر مع شركة اتصالاتٍ أمريكيّةٍ كانت تهدف إلى مواجهة حملة علاقاتٍ عامّةٍ ضدنا في إسرائيل”.

ويُعتقد أنّ عضو جماعة الضغط الأمريكي جاي فوتليك لعب دورًا أساسيًا في تسهيل دفع الأموال لمساعدي نتنياهو، ووفق الإعلام العبريّ فإنّه من المتوقّع أنْ يُسافر عناصر من الشرطة إلى الولايات المتحدة في الأيام المقبلة لاستجواب فوتليك.