قرار المجلس الدستوري اليوم يمهّد إلى مأسسة "المباراة" في كلّ الوظائف العامة

بعدما أصدر المجلس الدستوري، اليوم، قراراً قضى بابطال القانون رقم ٨/٢٠٢٥ الّذي يرمي إلى تسوية اوضاع ضباط في قوى الأمن الداخلي، لفت الخبير الدّستوري الدكتور جهاد اسماعيل، في حديثٍ الى وكالة "اخبار اليوم"، إلى أن "هذا القرار جاء ضمن سياق اجتهاد المجلس الدستوري المستقر على تحريم مخالفة مبدأ المساواة إن لم يكن القانون المشكو بدستوريته يطال أفراداً في اوضاع قانونية مختلفة أو ارتبط بالمصلحة العامة أو تعلّق بسبب معقول، الا أن المسألة المشكو منها في هذا القرار بأنه أكّد بأن المباراة هي التي تحدّد مستوى الاستحقاق والجدارة الوارد ذكره في المادة ١٢ من الدستور، في حين أن المرسوم الاشتراعي رقم ١١٢/١٩٥٩، أيّ قانون الموظفين الّذي جاء تطبيقاً للمادة ١٢ من الدستور بمفروض عبارة "الاستحقاق والجدارة حسب الشروط الّتي ينصّ عليه القانون" كان قد راعى طرقاً مختلفة في تحديد مستوى الجدارة تبعاً لإختلاف الفئات الوظيفية، بحيث يتم العمل بالمباراة في وظائف الفئة الثالثة والرابعة، في حين أن وظائف الفئة الأولى والثانية تكون عبر آلية الاختيار، على خلاف وظائف الفئة الخامسة الّتي تجري في آلية الامتحان".
وأوضح اسماعيل أنه "يستشف من هذا المنحى من التحليل بأن اختلاف طرق التعيين بحسب الفئات الوظيفية مُستفادة من القانون الّذي جاء بدوره كميدان تطبيقي لمادة دستورية، مما يعني أن تغيير ماهية هذه الطرق يتناقض، ولو ضمنياً، مع المادة ١٢ من الدستور، بدليل ان المجلس الدستوري كان قد ناقض نفسه في القرار ذاته عندما أشار إلى أنه ليس هناك من موجب دستوري على المشرع باعتماد طريقة واحدة لإختيار جميع فئات الموظفين، لكنه عاد وأكد في سياق آخر بأن المباراة هي التي تحدّد مستوى الجدارة والاستحقاق".
واضاف اسماعيل: "نستطيع القول بأن المجلس الدستوري أراد التأكيد بأن المباراة هي الوسيلة الفضلى لتحديد مستوى الجدارة والاستحقاق وإن كان في مقدوره أن يُدرجها في الحالات الأصلية لا المطلقة، لكن القرار ملزم لجميع السلطات الدستورية ومنها مجلس النواب الّذي صار ملزما، بمقتضى هذا القرار، إقرار قانون يلحظ التعيين في الوظيفة العامة عبر المباراة دون سواها مما يمهّد إلى مأسستها في كلّ الوظائف العامة".