مسؤولون إسرائيليون يعترفون بفشل الحملة لوقف تمويل أونروا
اعترف مسؤولون إسرائيليون كبار، بفشل الحملة الإسرائيلية المخصصة لإلحاق الضرر بوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وحثّ الدول على وقف تمويلها. وأشارت صحيفة هآرتس العبرية إلى إعلان عدة دول في الأسابيع الماضية استئناف تمويلها الوكالة الأممية، بعد تجميده في بداية الحرب على غزة، عقب مزاعم إسرائيلية بشأن مشاركة عدد من موظفيها في عملية "طوفان الأقصى".
وأوضحت الصحيفة، اليوم الخميس، أنّ الحملة الإسرائيلية تلقّت سلسلة ضربات في الأيام الأخيرة، لافتة إلى أنّ ألمانيا، إحدى أهم الدول الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في العالم، أعلنت نيتها استئناف تمويل المنظمة بعد تجميده في يناير/ كانون الثاني الماضي. وقالت برلين، أمس الأربعاء، إنها مقتنعة بوجوب تحسين الرقابة على عمل الوكالة والمشاريع التي تنفذها، ولكن بالتوازي مع ذلك تعتزم استئناف تمويلها لأونروا في أقرب وقت، واعتبرت ألمانيا أنّ على الحكومات الأخرى، التي جمّدت تمويلها للمنظمة، القيام بالمثل.
وأشارت ألمانيا إلى أنّ المنظمة تقوم بدور حيوي لا بديل منه، على مستوى اهتمامها بالأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وأن منظمات دولية أخرى تعمل في غزة تعتمد على البنية التي أقامتها أونروا. كذلك تعتقد ألمانيا أنه في ظل الأزمة الإنسانية في غزة، فإنّ من الأهمية أكثر من أي وقت مضى دعم وكالات الأمم المتحدة المختلفة العاملة في القطاع.
وعقّبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنّ قرار ألمانيا "مؤسف ومخيّب"، زاعمة أنّ "إسرائيل شاركت ألمانيا ودولاً داعمة أخرى (لأونروا) معلومات مفصّلة عن المئات من نشطاء حماس العسكريين، ومئات كثيرة من النشطاء الآخرين... من حماس والجهاد الإسلامي، وجميعهم من موظفي أونروا"، ووصفتهم بأنهم "ليسوا مجرد بضع تفاحات فاسدة، بل شجرة فاسدة ومسمومة"، على حد ادعائها.
كذلك ذكرت الخارجية الإسرائيلية أنّ إسرائيل ستواصل التعاون مع الحكومة الألمانية من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة من خلال وكالات أخرى. وجاء إعلان ألمانيا في أعقاب تقرير نشرته في الآونة الأخيرة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، رئيسة مجموعة المراجعة المستقلة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، خلص إلى أن إسرائيل لم تقدم ما يؤكد ادعاءاتها بحق موظفي الوكالة. وكانت كولونا قد زارت إسرائيل قبل نحو شهر والتقت عدداً من المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي وجيش الاحتلال، من أجل الاطلاع على الادعاءات ضد أونروا.
ولاقى التقرير انتقادات شديدة اللهجة من قبل إسرائيل ووزارة الخارجية الإسرائيلية، التي اعتبرت أنه "يتجاهل خطورة المشكلة ويقترح حلولاً تجميلية، لا تتعامل مع حجم تغلغل حماس داخل أونروا".
وذكرت "هآرتس" أنّ مسؤولين إسرائيليين قالوا في الأيام الأخيرة خلال محادثات مع دبلوماسيين أجانب، إن إسرائيل لم تتمكن من التأثير في التقرير كما أرادت، وبات واضحاً لها أنه في أعقاب نشره، فإنّ دولاً أخرى ستنضم إلى ألمانيا وتجدد تمويلها للمنظمة.
وبناءً على تقارير نُشرت أخيراً، تدرس بريطانيا الآن أيضاً استئناف التمويل. ومن أبرز الدول التي قررت استئناف تمويلها لأونروا، حتى قبل تقرير كولونا، فرنسا وكندا وأستراليا والسويد والنرويج وإسبانيا واليابان، فيما تخشى دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأساس إلغاء بريطانيا والولايات المتحدة تجميدهما تمويل أونروا، باعتبارهما أكبر داعمتين لإسرائيل اليوم في الساحة الدولية.
ونقلت صحيفة هآرتس عن مسؤول إسرائيلي، لم تسمّه، قالت إنه كان ضالعاً في الجهود الدولية بقضية وقف التمويل، قوله إنّ سبب فشل الجهود الإسرائيلية يعود بالأساس إلى عدم وجود بديل مقنع يتولّى النشاطات التي تقوم بها أونروا، مضيفاً أنّ إسرائيل تمكّنت في المقابل من إثارة الشكوك حول العالم بشأن أونروا، ولكنها لم تدعم هذه الخطوة باقتراح بديل مناسب للمنظمة. ويتوافق هذا أيضاً مع موقف وزارة الأمن الإسرائيلية بأن الصعوبة الحقيقية في الحملة ضد أونروا، لم تكن في إقناع الدول بأن الوكالة "إشكالية"، وإنما بأنه يمكن استبدالها.
ونقلت الصحيفة العبرية عن دبلوماسي من إحدى الدول الأوروبية التي استأنفت تمويلها لأونروا، قوله إنّ قرار حكومته استئناف التمويل، نبع من أمرين، هما أنّ "الأدلة التي عرضتها إسرائيل لم تكن قاطعة بما يكفي ولم تقنع بأنّ الحديث يدور عن ظاهرة واسعة وليس عن حالات فردية، وبالإضافة إلى ذلك، رأينا كيفية تدهور الوضع الإنساني في غزة لخطر المجاعة، وأدركنا أن هذا ليس الوقت المناسب للتذاكي، ولو كانت هناك طريقة لإطعام مليوني شخص في غزة من دون أونروا لكنّا مستعدين لفحصها، ولكن يبدو أنه لا يوجد".
وأشار المسؤول إلى وجود إجماع بين الدول الأوروبية على أن دعم أونروا يجب أن يستمر في الوضع الحالي، على الرغم من الادّعاءات الإسرائيلية