قطر تردّ على انتقادات إسرائيليّة وأميركيّة لدورها كوسيط في حرب غزة بعدما "طفح كيلها"

قطر تردّ على انتقادات إسرائيليّة وأميركيّة لدورها كوسيط في حرب غزة بعدما "طفح كيلها"

أثارت انتقادات وجهها مسؤولون إسرائيليون وبرلمانيون أميركيون إلى قطر على خلفية دورها كوسيط بين إسرائيل وحركة حماس بشأن حرب غزة، رد فعل نادرًا من جانب الدولة الخليجية التي "طفح كيلها"، بحسب محللين.

ومنذ أشهر، تقود الدوحة التي تستضيف مكتبًا سياسيًا لحماس منذ 2012 بمباركة واشنطن، جهود وساطة مع مصر والولايات المتحدة، للتوصل إلى هدنة في غزة والإفراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين في القطاع مقابل تحرير أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

لكن مع تعثّر المفاوضات في الآونة الأخيرة وتوجيه مناشدات أميركية وإسرائيلية لقطر للضغط على حماس، أعلنت الدولة الغنية بالغاز أنها تعيد تقييم دورها كوسيط خصوصًا بسبب انتقادات وجهها إليها وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو.

ويقول الخبير في شؤون الطاقة والجيوسياسة في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني نيل كويليام لوكالة فرانس برس إن "الوسطاء لا يردّون عادةً".

ويضيف أن القطريين "تلقوا الكثير من الانتقادات من الإسرائيليين، من نتنياهو بشكل مباشر، وكذلك من أعضاء في الكونغرس" الأميركي مشيرًا إلى أن "الطريقة التي أرى فيها الأمر هي أنهم (القطريون) طفح كيلهم".

في مؤتمره الصحافي هذا الأسبوع، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري تصريحات مسؤولين إسرائيليين بشأن قطر مشيرًا إلى أنها واحد من الأسباب التي دفعت الدوحة إلى إعادة النظر في دورها في الوساطة.

فقال "ليس سرًا أن هناك تصريحات على لسان عدد من المسؤولين الإسرائيليين بينهم وزراء في حكومة نتنياهو تحدثوا بشكل سلبي عن الوساطة القطرية، وهؤلاء يعلمون جميعًا ما هو الدور القطري وطبيعته وتفاصيله خلال المرحلة السابقة".

واتّهمهم بـ "اختلاق أكاذيب... من باب فقط التموضع السياسي في إطار الدورة الانتخابية في بلادهم" مشيرًا إلى أن ذلك "لا يبرر بأي شكل من الأشكال الاعتداء على الوسيط".

- "تصدي" -

ويصف خبير الجيوسياسة جيمس دورسي رد فعل قطر بأنه حملة "تصد" لمنتقديها.

ويرى أنه "من المدهش أيضًا أن يقوم أحد الأطراف الذي يفترض أنه يحتاج الى تلك الوساطة، بمهاجمة الوسيط"، في إشارة إلى الانتقادات الإسرائيلية.

في كانون الثاني، قالت قطر إن نتنياهو أضرّ بالمفاوضات، ردًا على تسجيلات صوتية مسرّبة اعتبر فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي الدوحة وسيطًا يمثل "إشكالية"، بسبب علاقتها بحماس.

بعد شهر، قال نتنياهو أمام قادة أميركيين يهود إنه ينبغي مطالبة قطر بالضغط على حماس للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، معتبرًا أن الحركة تتلقى تمويلًا من الدولة الخليجية.

وردّ الأنصاري آنذاك على منصة "إكس" قائلًا إنّ قطر ترفض "الاتهامات الخاوية" مؤكدًا أن المساعدات القطرية تقدم إلى فلسطينيي غزة وليس لحركة حماس، وأن ذلك يتمّ بالتنسيق مع إسرائيل والولايات المتحدة ومصر والأمم المتحدة، "كما هو معلوم" لنتنياهو شخصيًا.

واندلعت الحرب في غزّة في السابع من تشرين الأول الماضي بعد هجوم شنّته حماس على الأراضي الإسرائيليّة وأسفر عن مقتل 1170 شخصا، غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسميّة إسرائيليّة. وخُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، ويعتقد أن 34 منهم قُتلوا، وفق مسؤولين إسرائيليّين.

وردا على ذلك، توعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وتشنّ عمليات قصف وهجوم بري واسع على قطاع غزة ما أدى إلى مقتل أكثر من 34 ألف شخص معظمهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

- "مصالح أساسية" -

ويرى دورسي أن رد قطر كان موجهًا بشكل خاص إلى الانتقادات الأميركية التي "تمسّ فعلًا بالمصالح الأساسية لقطر" لأن علاقات الدوحة الوثيقة بواشنطن توفر "لها أحد خطوط الأمان".

وتستضيف قطر أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط وتصنّفها واشنطن حليفًا رئيسيًا غير عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

في وقت سابق هذا الشهر، أصدرت السفارة القطرية لدى واشنطن بيانًا وبّخت فيه النائب الديموقراطي ستيني هوير بسبب مطالبته الولايات المتحدة بإعادة تقييم علاقتها مع قطر.

وفي تشرين الثاني، اعترض السفير القطري لدى واشنطن الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني على تصريحات السيناتور الجمهوري تيد باد الذي تساءل إلى متى ستستمر الدوحة في استضافة مكتب لحماس، التي وصف عناصرها بأنهم "إرهابيون أيديهم ملطخة بدماء أميركيين".

وهذا الأسبوع، أكد الأنصاري أن المكتب السياسي لحركة حماس سيبقى قائمًا في الدوحة طالما أن وجوده "مفيد وإيجابي" لجهود الوساطة.

غير أنّه أضاف أن القرار النهائي بهذا الشأن سيُتخذ بعد انتهاء قطر من إعادة تقييم دورها كوسيط.

ويعتبر كويليام إن التلميح إلى احتمال مغادرة حماس الدوحة هو "موقف استراتيجي".

ويضيف أن قطر لوّحت باحتمال "الانسحاب (من الوساطة)... وهي تعلم جيدًا أن الولايات المتحدة لن ترغب بأن يحدث ذلك أو لن تسمح بحدوثه".