في معراب : القرار 1701 له محل من الاعراب

بقلم الكاتب والباحث السياسي احمد عياش - خاص مراسل نيوز

في معراب : القرار 1701 له محل من الاعراب

ماذا انجز اللقاء التضامني تحت عنوان "1701 دفاعاً عن لبنان"؟ هل سيتمكن من تحريك ساكنا يتصل بتنفيذ القرار الدولي الصادر في 12 آب 2006 بعد حرب تموز الشهير في ذلك العام؟

قبل المتابعة في طرح الأسئلة وهي كثيرة، لا بد من التوقف سريعا عند الاثار الجانبية التي خلفها اللقاء الذي استضافته معراب برعاية وحضور رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع واطراف وازنة في المعارضة على مستوى الأحزاب والشخصيات.

كان لافتا البيان الذي أصدره النواب السابقون احمد فتفت وفارس سعيد ومصطفى علوش وانطوان انداروس. يقول البيان "إن الاجتماع للضغط لتطبيق القرار 1701 من قبل لبنان لن يغير شيئا في المعادلة القائمة، وقد يؤدي تطبيق القرار بشكل قسري أو غير توافقي إلى ارتداد الحزب في الحالتين للإطباق على الداخل كثمن لعدم استطاعته تحقيق نصر في ساحة المعركة". ويؤكد النواب السابقون انه "على اللبنانيين الآن الالتفاف حول اتفاق الطائف، والتأكيد على الالتزام به، وهو الذي يشكِّل الركيزة الدستورية للقرارات الدولية 1559، 1680 و1701 ". وابدى البيان استعداد أصحابه "لأي لقاء في المستقبل الذي نرجوه قريبا" حول النقاط التي ذكرها البيان.

لم يفت جعجع ، وخلال انعقاد لقاء معراب الاسهاب في عرض أسبابه وراء اللقاء من اجل القرار 1701 . وفي مقدمة هذه الأسباب ، ان اللقاء الذي يبرز الموقف اللبناني يلاقي الموقف الدولي الذي يسعى الى تنفيذ ال1701 حاليا كي يتم تجنيب لبنان ويلات حرب تلوح في افق المواجهات الدائرة حاليا في الجنوب بين "حزب الله" وإسرائيل حرب تنذر ب"الأعظم" .

اذا كان من توصيف لهذا التباين بين اهل المعارضة فهو ينتمي الى طائفة "الخلاف الذي لا يفسد في الود قضية". وتحركت فكرة خلال انعقاد لقاء معراب تفيد بضرورة الذهاب الى فتح حوار بين الجانبيّن. وفي المعلومات ان الاتصالات بدأت عمليا بين "القوات اللبنانية" وبين النواب السابقين الأربعة لرسم خريطة طريق لعمل مشترك .

في موازاة ذلك، وبعيدا عن مقولة "الخلاف الذي لا يفسد في الود قضية"، اطل بيان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي يمثل الناطق باسم فريق "الممانعة" عندما يقرر الأخير الا يرد مباشرة. وقال بيان قبلان ردا على لقاء القرار 1701 وما انتهى اليه بمثابة "إطلاق النار على سلاح المقاومة ". ووصف قبلان بيان معراب بانه "خطير جداً لأنه ينال من صميم الخط الأحمر للمصلحة الوطنية ويعطي الإسرائيلي ما لا يستطيعه بالحرب".

ما هي الاستناجات من المقارنة بين موقف صديق يمثله النواب الأربعة السابقون، وموقف خصم يمثله قبلان؟

ابرز هذه الاستناجات، هو ان الموقف الصديق ينطلق من الرغبة في المزيد على مستوى المعارضة تصديا لاستباحة "حزب الله" ، ذراع ايران في لبنان قرار السلم والحرب . اما موقف الخصم ، فيريد ان يصمت كل صوت يعترض على هذه الاستباحة.

والان ماذا انجز لقاء معراب في اليوم التالي لانعقاده؟

كاتب هذه السطور، الذي كان مشاركا في اللقاء ، لفته تظهير البيان لموضوع الجيش ودوره في الإمساك بزمام المبادرة على مستوى الجنوب وتاليا لبنان. وفي هذا المجال ، شدد اللقاء على ان دور المؤسسة العسكرية يقتصر على الوفاء بمتطلبات تطبيق القرار 1701 فحسب، وانما ذهب الى التأكيد ان هذا الدور هو اليوم قضية ملحة كي ينهض مشروع الدولة من سباته الذي فرضته هيمنة "حزب الله" وتواطؤ الطبقة السياسية . وكأن بلقاء معراب يريد ان يطلق حملة هدفها تصعيد الضغوط كي يتحرر القرار السياسي الذي تمتلكه حكومة تصريف الاعمال من هذه الهيمنة ، ما يعطي الجيش وسائر القوى الأمنية الضوء الأخضر في الاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في مرحلة بالغة الخطورة في تاريخ هذا البلد.

ليس خافيا، ان المؤمنين بنهوض الدولة امنيا كي تتولى زمام الأمور في الجنوب حاليا، هم قلة. فالى أي مدى يمكن اعتبار ان لقاء معراب يقف على ارض الواقع وليس مقيما في عالم افتراضي من صنع الخيال العلمي؟

من المصادفات ان لقاء معراب انعقد مع صدور العدد الجديد من مجلة الايكونوميست البريطانية التي عنونت احد مواضيعها الرئيسية بالاتي:" الشرق الأوسط وأفريقيا - فوضى الميليشيات ". وجاء في مقدمة الموضوع :"أن تكون لبنانيا يعني أن ترى، في كل الأحوال، بذور حرب أهلية جديدة. لقد وفرت الأشهر الأخيرة سببا كافيا للقلق. وفي آذار ، واجه سكان قرية رميش، وهي قرية مسيحية في الجنوب، أعضاء "حزب الله"، أثناء محاولتهم وضع قاذفة صواريخ في وسط المدينة. ثم في 7 نيسان ، اختطف باسكال سليمان، وهو مسؤول في "القوات اللبنانية"، بالقرب من مدينة جبيل الشمالية وقتل. أثار كلا الحادثين مخاوف من القتال بين المسيحيين والشيعة. كما تحدثوا عن المشكلة الأساسية نفسها: عدم قدرة الدولة على السيطرة على الميليشيات، وتحديدا "حزب الله". لم يتمكن القرويون في رميش من طلب المساعدة من الجيش، الذي لا يتمتع بسلطة تذكر في الجنوب. وإذا كان "حزب الله "وراء جريمة القتل في جبيل، فلن يحاسب أبدا: فقد تمتع الحزب بالإفلات من العقاب على عقود من عمليات القتل".

انها صورة قاتمة ترسمها المجلة البريطانية. لكن الصورة في لقاء معراب لم تصل الى هذا المستوى من السوداوية. ويقول البيان الختامي الذي انتهى اليه اللقاء :"انطلاقاً من ألأولويَّةِ القُصوى لأَحداثِ الجنوبِ في الوقتِ الحاضِرِ، واحتمالِ تدحرُجِها نحو الأسوأِ، يتوجهُ المجتمعون اليومَ في هذا اللقاءِ بنداءٍ الى حكومةِ تصريف الأَعمال برئاسةِ الرئيس نجيب ميقاتي للعملِ الفوري على الاتي:"تطبيقاً للقرار ١٧٠١، كاملاً، إِصدار الأَوامر بنشرِ الجيشِ اللبنانيِ تحت خطِ الليطاني جنوباً وعلى كامِلِ الحدودِ مع اسرائيلَ لما لهذه الخطوةِ من وقعٍ سياسيٍ كبيرٍ ومن قوةِ ردعٍ حاسمة لما يمكن ان تخطِّطَ له اسرائيلُ ومن لجْمٍ لأيِّ عدوانٍ على السيادةِ اللبنانيةِ يُمكنُ أنْ تُعِدَّ لهُ".

هذا مختصر بيان هو أطول واشمل. لكنه يمثل "زبدة القول". وهو يمثل بداية لمسار ما زال مجهول المعالم من حيث النتائج. لكنه في نهاية المطاف، هو تحرك ستقول المرحلة المتدحرجة ما هي قيمته. ولا مغالاة في القول ان بيان معراب يقول لنا ان القرار 1701 له محل في الاعراب.