قطاع المطاعم يتحدى الازمات
قد لا يكون مبالغا القول ان قطاع المطاعم وحده الصامد في وجه الرياح التي تعصف بلبنان، وما زال جاذبا للاستثمارات وبالتالي خلق فرص عمل كثيرة، اذ رغم الأزمات الاقتصادية والوضع في الجنوب، فإن أعداداً لافتة من المطاعم يجري فتحها في العاصمة وبعض المناطق، من قِبل مستثمرين لبنانيين وغير لبنانيين.
رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي، في شرحه لحقيقة الواقع، يشير عبر وكالة “أخبار اليوم” الى انه قبل الازمة التي بدأت في العام 2019 كان القطاع السياحي في لبنان مزدهرا ويُعتبر قاطرة اساسية لكل القطاعات الانتاجية في لبنان ومصدر دخل اساسي للخزينة اللبنانية، ولكن مع تراكم الازمات في السنوات الخمسة الاخيرة عدد المؤسسات المطعمية (اي مطاعم ومقاهي وملاهي وباتسري وسناك) انخفض من 8500 مؤسسة الى 4500 تحديدا في آذار العام 2022 اي ان هذا القطاع خسر نحو 50% من مؤسساته.
ويأسف الرامي الى ان الدولة لم تعرف على مدى هذه السنوات ان تأخذ اجراءً اصلاحيا واحدا لمصلحة الاقتصاد الوطني، وتحديدا هذا القطاع الذي بشهادة الكل يُعتبر مجدٍ ويفتح المجال امام فرص العمل ويعكس صورة لبنان الحضارية.
وردا على سؤال، يوضح انه ما بعد موسم اعياد 2022- 2023 ، وخصوصا بعد قرار دولرة القطاع – وهو قرار جريء حفزت عليه النقابات السياحية وعملت على تحقيقه مع المعنيين في الاقتصاد ومع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير السياحة وليد نصار الذي وقعه- بدأ القطاع يتعافى بشكل تدريجي، فدخل الدولار الى هذه المؤسسات بدل ان يذهب الى الصرافين، فعززت كوادرها المهنية، لا سيما بعد موجة الهجرة الكبيرة، وحافظت على استمراريتها.
ويتابع: في الصيف الفائت اثبت القطاع السياحي وخصوصا قطاع “المطاعم والسهر” انه استطاع ان يتجاوز الازمة واحسن ادارتها وصمد واكد وجوده، وتم افتتاح نحو 300 مؤسسة مطعمية.
ويقول: اننا نرحب بكل المستثمرين ايمانا منا بالاقتصاد الحر واهمية المنافسة، لكن في الوقت عينه – وكما جاء في بيان صادر عن النقابة – يجب التروي في فتح المؤسسات لان هذه المهنة تحتاج الى دراسة جدوى والى خبرة، حيث انه من اصل 10 مطاعم يتم افتتاحها ثلاثة تتألق وتستطيع الاستمرار في حين يقفل سبعة، مضيفا: هناك دائما تركيز على ما يتم افتتاحه وليس على ما يقفل، انما الايجابي في الامر ان هذا القطاع ما زال جاذبا للاستثمارات ويخلق الافكار والوظائف… وقد يكون القطاع الوحيد الذي يعكس الصورة الحضارية بين القطاعات الانتاجية الاخرى.
وماذا عن ربط قطاع المطاعم بالقطاعات السياحية الاخرى التي لم تتقدم بنفس الخطوات؟ يلفت الرامي الى انه في الصيف الفائت كانت الدورة السياحية ككل (وهي تعني الفنادق، المطاعم، مكاتب السياحة والسفر، تأجير السيارات، الادلاء السياحيين) بالف خير، حيث شهدنا فترة 70 يوما ممتازة.
وهنا يبدي الرامي اسفه الى انه منذ ما بعد حرب غزة خسر لبنان الكثير من السواح العرب من الاردن ومصر والعراق الى جانب تردد المغتربين ولا سيما في الخليج الى زيارته، لذا كان موسم الاعياد قصيرا جدا، فلم يتجاوز الـ8 ايام تحرك خلالها القطاع المطعمي فقط، لان معظم الوافدين كانوا من المغتربين الذين حين يأتون الى لبنان يقيمون في منازلهم ويتنقلون بسياراتهم، وبالتالي لم تعد الدورة السياحية بخير اذ يمكن القول ان نحو 5% من الشعب اللبناني “يتنفس” من خلال ارتياد المطاعم والمقاهي، وكلٌّ على قياس ميزانيته ووفقا لمروحة الاسعار التي تناسبه.
الى ذلك يتطرق الرامي الى موضوع المطاعم غير المرخصة او غير الشرعية، حيث لا رقابة على الجودة وبعضها لا يملكها لبنانيون، شارحا: اننا نميز ما بين المؤسسات السياحية النظامية المحافظة على جودة خدماتها وبين “الدكاكين”، قائلا: دورنا كنقابة ان نستقطب المؤسسات السياحية النظامية، لذا الانتساب الى نقابتنا اختياري وليس الزاميا، فاي مؤسسة تريد الانتساب عليها ان تقدم طلبا وتأخذ موافقة مجلس النقابة، وراهنا تضم نحو 500 منتسب “تتشرف النقابة بان يكونوا اعضاء فيها” كونهم مؤسسات سياحية معروفة بجودتها وسلامة الغذاء فيها، وكل الاسماء موجودة على موقع النقابة الالكتروني ويمكن الاطلاع عليها.
ويستطرد الرامي الى القول: طالما ان الدولة لا تستطيع ان تكون الحسيب والرقيب، على الزبائن ان يعرفوا الاختيار بناء على الافضل من حيث الجودة والنوعية والخدمة والاسعار، وبالتالي عدم ارتياد الا المؤسسات العريقة التي “يدخل اليها الزبون مرتاحا ويخرج مبسوطا ويكرر زيارته”.
ويختم: اما بالنسبة الى الدكاكين فنحن ضد هذا الاستثمار ويا ليت هناك رقابة “تستطيع الغاءها” لانها تشوه صورة القطاع وتضره…