السعودية جاءت بالطائف… وإيران جاءت بـ7 أيار
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

القضاء اللبناني أمام امتحان مواجهة أبواق الفتنة
في تاريخ لبنان الحديث محطتان تختصران حقيقة الصراع على هويته ومستقبله:
اتفاق الطائف (1989) الذي رعته المملكة العربية السعودية، فأعاد للمؤسسات اللبنانية دورها، وأنهى حرباً أهلية استمرت خمسة عشر عاماً، وفتح الباب أمام مرحلة إعادة الإعمار والانفتاح العربي والدولي.
و7 أيار 2008، اليوم الأسود الذي اجتاح فيه حزب الله العاصمة بيروت بالسلاح، وأسقط الدولة أمام مشروع الميليشيا، معلناً وصاية إيرانية مسلّحة على القرار الوطني.
الطائف كان مشروع حياة.
7 أيار كان مشروع موت.
هذا هو الفارق بين السعودية وإيران في لبنان: الأولى قدّمت اتفاقاً جامعاً، الثانية فرضت وصاية بالقوة.
صحيفة الأخبار… منبر الحزب لا منبر الصحافة
رغم وضوح هذه الحقائق، لا يزال هناك من يصرّ على قلب المعادلة. صحيفة الأخبار، التي يعرف القاصي والداني أنها المنبر الإعلامي الأبرز لحزب الله، نشرت مؤخراً مقالاً مليئاً بالتحريض ضد السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.
المقال لا يندرج في خانة "الرأي السياسي"، بل هو تحريض مباشر على الفتنة، ومحاولة منظمة لضرب علاقة لبنان بأقرب أشقائه العرب.
عندما تتحول صحيفة لبنانية إلى صوت إيراني صريح من قلب بيروت، وتُستخدم كأداة لتشويه السعودية وتبرير سلوك الميليشيا، فإن المسألة لم تعد حرية تعبير بل قضية أمن وطني.
القانون اللبناني واضح:
يمنع تعكير صلات لبنان بالدول الصديقة والشقيقة.
يجرّم إثارة النعرات الطائفية والمذهبية.
يحمّل المسؤولية لكل من يستخدم الإعلام للتحريض على الفتنة.
فهل يبقى القضاء متفرجاً على مقالات تصدر في "الأخبار" تستهدف السعودية وتفتح الباب أمام عزلة لبنان عربياً ودولياً؟
أم أنه سيتحرك ليؤكد أن حرية التعبير لا تعني حرية التآمر على الوطن؟
منذ نهاية الحرب الأهلية، قدّمت المملكة مليارات الدولارات لدعم الاقتصاد اللبناني، ومولت إعادة الإعمار، واحتضنت مئات آلاف اللبنانيين العاملين على أرضها. لم تحمل يوماً مشروع ميليشيا، ولم تفرض وصاية، بل دعمت الدولة والشرعية.
في المقابل، ماذا قدّمت إيران عبر حزب الله؟
حوّلت لبنان إلى ساحة صراع إقليمي.
فرضت على الدولة قرار الحرب والسلم.
عطلت المؤسسات وأدخلت لبنان في عزلة عربية ودولية
قادت البلد إلى الانهيار عبر سلاحها وتدخلاتها.
اليوم، يقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مشروعاً نهضوياً عربياً، يضع التنمية والاستقرار على رأس الأولويات. بينما حزب الله يقود لبنان إلى الوراء، محمّلاً إياه أثقال الحروب من سوريا إلى اليمن، ومعزولاً عن العالم.
الخيار واضح أمام اللبنانيين:
بين مشروع دولة عربية حضارية قدمته السعودية،
ومشروع ميليشيا مذهبية عسكرية فرضته إيران.
إن المقالات التي تنشرها صحيفة "الأخبار" ضد السعودية ليست مجرد كلمات، بل رصاص سياسي يُطلق على اتفاق الطائف، وعلى علاقة لبنان بالعرب، وعلى مصالح مئات آلاف العائلات اللبنانية التي تعيش وتعمل في الخليج.
من يهاجم السعودية اليوم، إنما يهاجم مستقبل لبنان نفسه.
ومن يبرر سلاح حزب الله، إنما يبرر تحويل لبنان إلى رهينة في يد الحرس الثوري.
لهذا، فإن توقيف ومحاسبة من يفتعل هذه الفتنة واجب وطني وقضائي، ليس دفاعاً عن السعودية فقط، بل دفاعاً عن لبنان واستقلاله وهويته العربية
التاريخ سيُسجّل دائماً أن:
السعودية جاءت بالطائف، فجمعت اللبنانيين على كلمة سواء.
إيران جاءت بـ7 أيار، ففرّقت اللبنانيين بالسلاح والدم.
اللبنانيون أمام خيار مصيري: إما أن يكونوا أبناء الطائف والعروبة، أو أسرى 7 أيار والوصاية الإيرانية.