روسيا تعزز عائدات النفط مع نمو شبكة الشحن والتجارة

روسيا تعزز عائدات النفط مع نمو شبكة الشحن والتجارة

يفرض مصدرو النفط الروس أسعارا أعلى مقابل النفط في السوق الهندية المهمة لهم عن ذي قبل منذ بدء الحرب في أوكرانيا مع مشاركة عدد متزايد من شركات الشحن والوسطاء في التجارة ليضعف ذلك تأثير العقوبات الغربية على موسكو.

واضطر المصدرون بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير شباط 2022 إلى تقديم خصومات كبيرة لتشجيع شركات الشحن والمتعاملين على نقل الخام وتحدي مخاطر العقوبات.

ومن بين القيود، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حدا أقصى لسعر بيع النفط الروسي يبلغ 60 دولارا للبرميل، مما يعني أن شركات الشحن والتأمين الغربية لا تستطيع المشاركة في تجارة النفط الروسية إلا إذا بيع النفط بأقل من الحد السعري.

وقال خمسة من المتعاملين والمسؤولين الهنود في مجال التكرير إن المصدرين الروس أبرموا صفقات هذا الشهر لبيع خام الأورال الرئيسي لتسليمه إلى مصافي التكرير الهندية بخصومات تتراوح بين ثلاثة دولارات و3.50 دولار للبرميل مقارنة بخام برنت القياسي العالمي.

وهذا هو أقل خصم لخام الأورال منذ أن بدأت رويترز رصد أسعار النفط الروسي في الهند في أوائل عام 2023 حين كان الخصم يصل إلى 20 دولارا للبرميل. وهذا يشير إلى صفقات تبرم بأعلى من الحد الأقصى للسعر، في الوقت الذي يجري فيه تداول خام برنت بنحو 82 دولارا للبرميل، على الرغم من اعتماد هذا أيضا على كلفة الشحن.

ويوضح تقلص الخصم نجاح روسيا في العثور على مشترين جدد لنفطها. ولا تفرض الهند أي عقوبات على موسكو وأصبحت أكبر مشتر للخام الروسي المنقول بحرا متفوقة على الصين وتركيا بعد أن أوقفت شركات التكرير الأوروبية الواردات.

ويتجلى في هذا أيضا زيادة في عدد شركات الشحن التي تنقل النفط الروسي.

وقالت ميشيل ويز بوكمان، المحللة الكبيرة في مجموعة البيانات البحرية لويدز ليست انتليجانس “نشهد أعدادا أكبر من السفن التي وجدت وسائل للتحايل على العقوبات بالعمل خارج نطاق الولاية القضائية الغربية”.

وتقول لويدز ليست انتليجانس إن أكثر من 630 ناقلة، بعضها يزيد عمره عن 20 عاما، تشارك حاليا في شحن النفط الروسي، بالإضافة إلى الخام الإيراني الخاضع لعقوبات.

وتقول مجموعة البيانات البحرية إن المشغلين يتمركزون إلى حد كبير في الصين والإمارات ويمثلون نحو 14.5 بالمئة من إجمالي أسطول الناقلات العالمي.

وأضافت لويدز ليست انتليجانس إنه قبل حرب أوكرانيا، بلغ إجمالي ما يسمى بأسطول الظل من ناقلات النفط ما تراوح بين 280 و300 ناقلة.

وقال متعاملون إن سقف الأسعار أدى في البداية إلى نقص في عدد السفن التي تبيع النفط الروسي إلى الهند والصين مع بلوغ أسعار الشحن 20 مليون دولار لكل ناقلة في رحلة واحدة فقط.

وأضاف متعاملون أن كلفة الشحن لنقل النفط الروسي إلى الهند انخفضت إلى ما بين خمسة ملايين دولار و5.5 مليون دولار في يونيو حزيران لتقترب من مستويات ما قبل الحرب. وانخفاض كلفة الشحن تعني أن شركات النفط الروسية تكسب مزيدا من المبيعات.

ويأتي هذا الانخفاض في كلفة الشحن حتى بعد أن أدت العقوبات الأمريكية على شركة الشحن الروسية سوفكومفلوت إلى حجب 15 ناقلة من أسطول موسكو.

وتمكن المصدرون الروس نتيجة لهذا من فرض أسعار أعلى. وحتى الآن هذا العام، بلغ متوسط ​​سعر خام الأورال في موانئ البلطيق 69.4 دولار للبرميل مقارنة مع 54.8 دولار في نفس الفترة من عام 2023، وفقا لبيانات مجموعة بورصات لندن.

ولم ترد بعد وزارة الطاقة الروسية على طلب رويترز للتعليق.

وما زال مصدرو النفط الروس والخزانة الروسية يحصلون على أقل مما كانوا يحصلون عليه قبل بدء الحرب.

صحيح أن النفط الروسي لا يجري تداوله في أوروبا، لكن التقييم النظري يقدر حاليا خام الأورال بأقل 10 دولارات للبرميل عن مقابل أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي. وقبل الحرب، كان يجري تداول خام الأورال عادة في أوروبا بسعر زائد أو ناقص دولار أو دولارين للبرميل.

وتقول القوى الغربية إن العقوبات حرمت روسيا من 100 مليار دولار على الأقل من عائدات ضائعة من النفط، بالإضافة إلى مصادرة 280 مليار دولار من أصول البنك المركزي، وفقا لتقديرات دولة عضو في مجموعة السبع اطلعت عليها رويترز.

وأدت العقوبات إلى تكبد شركة جازبروم خسائر فادحة بعد أن خفض الاتحاد الأوروبي بشدة وارداته من الشركة الروسية التي تحتكر الغاز.

ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم ملتزمون بجعل بيع النفط عبر أسطول الظل أكثر كلفة على روسيا. ويقول مسؤولون غربيون إن روسيا أنفقت نحو ثمانية مليارات دولار على الأقل لدعم أسطول الظل.

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية “روسيا استثمرت وما زالت تستثمر المليارات في بنية تحتية جديدة للشحن، تتضمن سفنا جديدة، للعمل خارج نظام السقف السعري. وهذا جيد لأن الأموال تذهب إلى الناقلات بدلا من ذهابها إلى الدبابات”.

وكان تشديد العقوبات على روسيا موضوعا رئيسيا لاجتماع زعماء مجموعة السبع في إيطاليا هذا الأسبوع.

حتى مع تقلص الخصم مقابل أنواع خام أخرى، ما زال الخام الروسي أرخص لمصافي التكرير الهندية من الإمدادات المنافسة من دول مثل السعودية.

وأظهرت بيانات لتتبع السفن أن مشتريات الهند من النفط الروسي بلغت أعلى مستوياتها في تسعة أشهر في أبريل نيسان. والهند هي ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الصين.

وقال مصدر بشركة تكرير هندية طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام “نأخذ أكبر قدر ممكن من النفط الروسي لتوفير تكلفة الاستيراد”.

وتعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتعزيز علاقات الطاقة مع روسيا.

كما تعهدت السلطات الصينية بشراكة أوثق مع موسكو، وقالت إن التعاون في مجال الطاقة سينمو في مواجهة التوتر المتزايد مع الغرب.