الأبيض: عن أيّ مستقبل صحي نتحدّث؟
نظّم اتّحاد رجال الأعمال للدّعم والتطّوير “إرادة” مؤتمره الثاني للصحة العامة تحت عنوان “قطاع الصّحة العامة في لبنان: مشاكل وحلول” برعاية وحضور وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال فراس الأبيض، العميد احمد شمص ممثلا قائد الجيش والمقدم حبيب عبده من جهاز الطّبابة العسكرّية وعدد من الشّخصيات النّقابية الطّبية والاستشفائيّة والجّامعية والشّركات الضامنة والمتخصّصة باستيراد الادوية والمستلزمات الطبيّة وأركان القطاع الصّحي والطّبي والنقابي من مختلف الاختصاصات.
وتوقّف الأبيض أمام العلاقة بين قطاعي الصحّة والأعمال، وما إذا كان قطاع الصّحة قطاعًا مكلّفًا أم قطاعًا منتجًا. وقال: “مما لا شك فيه أن التغطية الصحيّة تشكل جزءاً مهماً من الموازنات التَشغيلية للشّركات، وان تراجع المؤشرات الصحيّة سوف تؤدّي إلى زيادة هذه النّفقات، قلقًا جديًا في هذا المجال، فمثلاً سبعين في المئة من المجتمع في لبنان بحسب منظمة الصّحة العالميّة هم مدخّنون ما يعني تزايد احتمالات الإصابة بأمراض متعدّدة. وبالفعل تتزايد في لبنان الإصابات مثل السّرطان لدى الفئات الفتية والشابّة ويشير بعض الدراسات إلى إمكان أن يصيب السرطان أعمارًا في لبنان أصغر بعشر سنوات من أعمار في بلدان أوروبية، وكذلك يلاحظ تزايد عدد المصابين بالأمراض المزمنة”.
وأضاف: “أن هذا الواقع يؤدي إلى زيادة تكلفة تغطية العاملين على المؤسسات وكذلك على الدولة”. ولفت في هذا المجال إلى أن “المؤشرات الحالية تحتم تخصيص جزء كبير من موازنة الدولة لوزارة الصحة لإعطاء الأولوية لتغطية تزايد أعداد المرضى وذلك على حساب النفقات الإستثمارية الضرورية لتطوير البلد”، مشددا على “ضرورة تغيير هذا الواقع غير الجيد من خلال إرساء مقاربة تكون ركيزتها العمل على الوقاية وتمتّع أفراد المجتمع بعادات وحياة صحية جيدة ما يحقق استقرارًا وتوازنًا يصبان في مصلحة الجميع أفرادًا ومؤسسات قطاع خاص ومؤسسات قطاع عام”. وأسف الأبيض في هذا السياق للمعارضة التي لقيها مجلس الوزراء لدى محاولته زيادة الضرائب على التبغ، وذكر أن هناك دراسات تشير إلى زيادة بنسبة ثلاثين في المئة للمدخّنين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة. وسأل: عن أي مستقبل صحي نتحدث وسط هذا الواقع؟”.
وتطرّق الى مسألة إنتاجيّة قطاع الصّحة، فلفت الى أن “قطاع الصّحة يشكل في عديد من الدول ما نسبته 18 إلى 20 في المئة من الناتج القومي. فهذا القطاع يفتح الباب لاستثمارات كبيرة من خلال إنشاء مصانع وشركات ومؤسسات متعددة ويفسح المجال تاليًا لتوظيف أعداد كبيرة من الاختصاصيّين والعاملين. وبالفعل شكلت هذه الأزمة فرصة لقطاعات معينة بالصّحة مثل قطاع صناعة الدّواء لتتوسع من إنتاجيتها”.وقال: “إن رؤيتنا بالنسبة إلى قطاع الصّحة لا تقتصر فقط على التخفيف من تكاليفه، إنما تتعدى ذلك إلى تحويله إلى قطاع منتج جدا بشرط إدارته بطريقة جيدة تحقّق الفائدة للبلد على الصعيدين الصحي والإقتصادي”.
وتابع محذرًا من أن “جهات عدة في لبنان تبدي رغبتها في الوقت الراهن بالعودة إلى ممارسات 2018 وما قبل، فيما من المعروف أن هذه الممارسات هي التي أسهمت في الأزمة الماليّة ولا يمكن العودة إليها بل يجب إيجاد السبيل الجديد للمضي قدمًا بنظام صحي مستقر ومتوازن وعادل”. وقال: “يجب أن نتحلى بإرادة للتّغيير. هناك بلدان مرّت بأزمات على غرار أزمة لبنان واستطاعت أن تغير وتتقدم للأفضل ولكل بلدانًا كثيرة أخرى لم تستطع أن تحقق شيئًا. نحن في هذا الوقت أمام هذا الخيار بين التغيير والتقدم أو العودة إلى ممارسات سابقة ثبت خطرها وعدم جدواها”.وختم الوزير الأبيض مشددًا على “ضرورة أن تكون الرؤيا للقطاع الصحي بعيدة المدى بهدف إصلاح النظام، ولا تقتصر على إدارة الأزمة بل أن نمضي قدمًا في التأسيس لنظام يغلّب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية وإلا فمن المستحيل أن نتقدم”.