الراعي: أحداث لبنان الأخيرة والمتغيّرات في سوريا زادت القناعة بحياد لبنان
اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ أحداث لبنان الأخيرة والمتغيّرات التي جرت في سوريا زادت القناعة الداخليّة والدوليّة بحياد لبنان.
ولفت الراعي في عظة قداس الميلاد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، الى أن "الحياد اللبنانيّ لا يقيم جدارًا بين لبنان ومحيطه والعالم. فإنّه لا يعني الاستقالة من "الجامعة العربيّة" ومن "منظّمة المؤتمر الإسلاميّ"، ومن "منظّمة الأمم المتّحدة"، بل يعدّل دور لبنان ويفعّله في كلّ هذه المؤسّسات وفي سواها، ويجعله شريكًا في إيجاد الحلول عوض أن يبقى ضحيّة الخلافات والصراعات، مشيرا الى أنه "بديهيّ هنا أنّ اعتماد الحياد لن يحول دون مواصلة التصدّي للتوطين الفلسطينيّ على أرض لبنان".
وأكد ألا حياد بدون سيادة واستقلال وأمن وحريّة، لافتا الى أن "دستور الدولة المحايدة يردع الغرائز الداخليّة والأطماع الخارجيّة، فيسمح للدولة أن تشارك في حلّ مشاكل الآخرين، من دون أن يتدخّل الآخرون في شؤونها، ويخلقون لها مشاكل عصيّة الحلّ".
وقال: "ما أحوج لبنان إلى مثل هذه الضوابط لكي يستعيد استقلاله ووحدته وقوّته. إنّ جوهر نشوء دولة لبنان في الشرق هو مشروع دولة حياديّة بفعل مميزاته الخاصّة. إنّ صيغة "لا شرق ولا غرب" جسّدت رمزًا حياديًّا بين الوحدة العربيّة والاستعمار الغربيّ".
وأضاف: "كرّست "صيغةُ مع العرب إذا اتفقوا، ومع الحياد إذا اختلفوا" التي أرادها لبنان مبدأ سياسته داخل الجامعة العربيّة. وعنى الشعار اللبنانيّ "لا غالب ولا مغلوب" في عمقه تحييد التسويات بعد كلّ أزمة. ولكنّه لم يُطبّق بعد لا داخليًّا ولا خارجيًّا".
وأشار الى انه "احترام لبنان اتفاقيّة الهُدنة مع إسرائيل ثبّت التزام الحياد العسكريّ فقط في الصراع العربيّ-الإسرائيليّ"، لافتا الى انه "بفضل هذا الموقف، نجح لبنان عمومًا في الحفاظ على سلامة أراضيه رغم كلّ الحروب العربيّة-الإسرائيليّة".
وقال: "إنّنا نتطلّع إلى اليوم التاسع من شهر كانون الثاني المقبل، حيث يقوم المجلس النيابيّ بانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة بعد مرور سنتين وشهرين من الفراغ المخزي، إذ كيف تركوا البلاد من دون رأس فتعثّرت المؤسّسات الدستوريّة: المجلس النيابيّ فقد صلاحيّة التشريع لكونه أصبح هيئة ناخبة، ومجلس الوزراء فقد الكثير من صلاحيّاته وانقسم على ذاته، وجميع التعيينات إمّا كانت بالإنابة أو لم تحصل.
وأمل أن "يصار هذه المرّة إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة: مؤهّلٍ لصنع الوحدة الداخليّة، ولتحقيق اللامركزيّة والإصلاح الإداريّ والماليّ والاقتصادي -الاجتماعي، ولضبط إيقاع قيادة الدولة وعملها وتفعيل مؤسّساتها، والتواصل مع الدول الفاعلة".