بيروت تُذبح سياسيًا... ومن يسكُت اليوم شريك في الجريمة!
خاص مراسل نيوز

في عاصمةٍ تنزف هويتها كل يوم، ليس بفعل الحروب أو الانهيارات، بل عبر قوانين تُخاط على مقاس النفوذ وتُفرض على حساب الناس، تقف بيروت اليوم عند مفترق مصيري: إما أن تُستعاد لأهلها، أو تُسلَّم بالكامل لأصحاب المشاريع السياسية الذين لا يشبهونها ولا يشبهون ناسها.
من أصل 521 ألف ناخب مسجّل في بيروت، يشكّل المسلمون حوالي 65%، أي ما يُقارب 338 ألف ناخب، فيما يبلغ عدد الناخبين السنّة وحدهم 255,500 ناخب – أي نحو 50% من إجمالي القاعدة الناخبة. رغم ذلك، فإن القانون البلدي المقترح يحوّل هؤلاء الناخبين إلى أقلية سياسية داخل مدينة هم عمودها الديمغرافي والتاريخي.
كيف يُعقل أن تُفرض لائحة مغلقة على هؤلاء؟ كيف نبرر أن يُمنع نصف بيروت من اختيار ممثليه بحرية؟ هذا ليس قانونًا انتخابيًا، بل وصفة للإلغاء المُمنهج.
توزيع طائفي يثير الاشمئزاز لا الطمأنينة:
وفق الصيغة المقترحة:
12 مقعدًا للمسيحيين
3 للشيعة
1 للدروز
7 فقط للسنّة
ورئيس بلدية من دون أي صلاحيات
أي عدالة هذه؟ هل يُطلب من 255 ألف ناخب أن يُشاركوا في مسرحية انتخابية نتيجتها معروفة سلفًا؟ أن يدخلوا معركة لا يُراد لهم أن يربحوا فيها شيئًا؟ هل المطلوب من أبناء بيروت أن يكونوا شهود زور على تغييبهم؟
حتى في الوظائف... لا صوت لأهل المدينة
ليس فقط التمثيل مُصادَر، بل حتى الحق في العمل داخل بلديتهم صار ترفًا. أقل من 35% من وظائف بلدية بيروت تذهب لأبناء المدينة، بينما تُخصّص الحصة الأكبر لأشخاص من خارجها، في مشهد يعكس استباحة بيروت كأنها غنيمة، لا مدينة لها أهل وكرامة وحقوق.
والسؤال هنا موجّه إلى كل من يزايد على “وحدة الوطن” و”العيش المشترك”:
هل تقبل أي بلدية في لبنان أن توظّف شابة بيروتية من أقصى الجنوب أو الشمال؟ هل تقبل أن يُفرض عليها رئيس بلا صلاحية؟ أن تنتخب لائحة لم تُشارك في اختيارها؟
حين نادى الجميع "بيروت للكل"، نُزعت المدينة من قلبها
بيروت ليست فكرة في الأغاني، ولا شعارًا على يافطة، هي مدينة لها ناسها، نسيجها، وكرامتها. وحين تفتح ذراعيها للجميع، لا يعني ذلك أن تُغتصب سياسياً باسم الوحدة.
حين أغرقت النفايات شوارعها، لم يسأل أحد عن طائفة الزبالة. لكن حين يطالب أهلها بحقهم في القرار، تتحوّل “الشراكة” إلى واجهة للهيمنة، وتُوزّع الحصص وكأنهم مجرد تفصيل زائد.
نُطالب، لا نرجو:
بقانون بلدي عادل يُنصف الحجم التمثيلي الفعلي لجميع الطوائف وعلى رأسهم السنّة
بإلزام البلدية بتوظيف أبناء العاصمة أولاً كحق مكتسب لا فضل فيه
بفتح الباب أمام المستقلين والأكفاء، بعد سنوات من تهميش الكفاءة لحساب الولاء
بيروت تُذبح سياسيًا. لكن الأفظع من الجريمة... هو الصمت عنها.
ومن يسكُت اليوم، هو شريك في الجريمة.