ازدواجية القوات اللبنانية بين بيروت وجبيل... هل تسقط ورقة التوت عن خطابها السيادي؟
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار دائماً إلى "حزب الله" كرمز للهيمنة والسلاح، يمرّ خطر آخر بصمت ودهاء: حزب "القوات اللبنانية"، الذي يُقدِّم نفسه كحامي الدولة ورافع لواء السيادة، بينما يمارس سياسات تُغرق لبنان في وحول الانقسام والازدواجية.
قناع السيادة... وسلوك الميليشيا
لا يخفى على أحد أن حزب "القوات اللبنانية" بنى سرديته الحديثة على مهاجمة سلاح "حزب الله"، رافعاً شعار "السلاح الشرعي فقط". لكن المفارقة أن هذه السردية لا تصمد أمام أبسط اختبار: حين كان الحزب نفسه ميليشيا خلال الحرب، وحين لا يتوانى اليوم عن اللجوء إلى لغة التخوين والعنف الرمزي كلما خسر في السياسة.
تحالفات بلا مبدأ: أين المصداقية؟
في انتخابات بيروت البلدية، شكلت "القوات اللبنانية" لائحة مشتركة مع "حزب الله" و"حركة أمل" — الخصمين اللذين تصفهما صباحاً بـ"الخطر على الكيان اللبناني"، ثم تتحالف معهما مساءً حين تقتضي الحاجة. وفي جبيل، لم تتردد في التحالف مع "التيار الوطني الحر" – الخصم المسيحي الذي تخوض ضده حرب شعارات منذ سنوات.
فهل هي مع السيادة أم مع الصفقات؟ هل تريد بناء دولة، أم تقاسم غنائمها مع من تدّعي أنهم أعداؤها؟
الخطاب الثنائي: التناقض كاستراتيجية
في الجامعة، "القوات" تدّعي تمثيل الشباب، لكن نتائج الانتخابات الطلابية تفضح هشاشة تمثيلها. في الشارع، تتبنى شعارات 17 تشرين، لكنها تقف في صف المنظومة التي انتفض ضدها الناس. تدعو إلى الحياد، لكنها أول من يحرّض طائفياً حين تُهدد مصالحها.
اللبناني ضحية لعبة الوجوه المتعددة
بين سلاح ظاهري وازدواجية مموّهة، يبقى المواطن اللبناني ضحية الخداع السياسي. حزب الله قد يكون خصماً واضحاً، لكن "القوات اللبنانية" تُمثّل خصماً أكثر تعقيداً: خصم يختبئ خلف خطاب وطني وهو يلعب كل الأوراق النفعية، ولو على حساب الوطن نفسه.