مرقص من “ملتقى الإعلام العربي” في الكويت: هل نريد ان نكون في العصر الرقمي صدى لغيرنا ام صوتا مستقلا يعبّر عن مجتمعاتنا؟

مرقص من “ملتقى الإعلام العربي” في الكويت: هل نريد ان نكون في العصر الرقمي صدى لغيرنا ام صوتا مستقلا يعبّر عن مجتمعاتنا؟

ألقى وزير الإعلام المحامي بول مرقص، كلمة لبنان في الجلسة السابعة من مؤتمر ملتقى الاعلام العربي ٢٠ المنعقد في الكويت بعنوان “ﺗﺤﺪﯾﺎت اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ظﻞ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ واﻟﺘﺤﻮل اﻟﺮﻗﻤﻲ”.

وقال: “إننا في العالم العربي، نعيش لحظة إعلامية مفصلية، تتسم بتغيرات جذرية في بنية الاتصال، وسرعة انتشار المعلومات، وتحوّل الجمهور من متلقٍّ سلبي إلى شريك فاعل في إنتاج المحتوى وتوجيه الرأي العام”.

أضاف: “لقد فرضت الثورة الرقمية واقعًا جديدًا على المنظومات الإعلامية في الدول العربية، حيث تراجعت الحدود بين الخبر والرأي، بين المصدر والمتلقي، وبين المنصة والمؤسسة، وبرزت تحديات معقّدة تتطلب استجابة جماعية، ومقاربة شاملة. ومن أبرز هذه التحديات:

أزمة الثقة والمصداقية، في ظل الانتشار السريع للأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، والتي تهدد الاستقرار المجتمعي والثقة بالمؤسسات.

الضعف البنيوي لوسائل الإعلام التقليدية، التي تجد نفسها اليوم أمام منافسة حادة مع المنصات الرقمية، من حيث سرعة الوصول، وتفاعل الجمهور، وأدوات الإقناع.

قصور التشريعات الإعلامية عن ملاحقة التطورات التكنولوجية، وبخاصة في ما يتعلق بحماية البيانات، وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان حرية التعبير في الفضاء الرقمي.

الحاجة الملحّة إلى بناء قدرات مهنية جديدة، تتيح للصحافيين مواكبة أدوات العصر، مثل التحقق من المعلومات، والسرد الرقمي، والتحليل المعمّق، ضمن معايير مهنية وأخلاقية رفيعة”.

وتابع: “على الرغم من التباين في الواقع الإعلامي بين دولة وأخرى في منطقتنا، إلا أن التحديات باتت مشتركة، وتتطلب رؤية عربية موحّدة، تقود إلى إصلاح إعلامي شامل، يعزز الاستقلالية والشفافية، ويحمي الفضاء الرقمي العربي من التبعية والتفكك. ومن هنا، فإنني أدعو من هذا المنبر إلى:

إنشاء صندوق عربي مشترك لدعم تطوير الإعلام الرقمي، وتشجيع المبادرات المستقلة، وتمويل إنتاج محتوى عربي عالي الجودة.

إطلاق مركز إقليمي للتدريب الإعلامي والتبادل المهني، يُعنى بتأهيل الصحافيين العرب في مختلف مجالات الإعلام الرقمي والبيانات والإخراج والتحقيق الاستقصائي.

تأسيس مرصد عربي لأخلاقيات الإعلام الرقمي، يواكب التحولات، ويرصد الانتهاكات، ويقترح أطرًا مرنة لتنظيم العمل الإعلامي الجديد، بعيدًا عن الرقابة التقليدية، وبما يحمي الحريات والحقوق”.

وشدد على أن “مسؤوليتنا جميعاً، كإعلاميين، وصنّاع سياسة إعلامية، أن ننتقل من موقع رد الفعل إلى موقع الفعل، وأن نكون جزءاً فاعلاً في صناعة المحتوى، لا مجرد مستهلكين للأدوات. وفي لبنان، وعلى الرغم كل التحديات السياسية والاقتصادية، لا تزال هناك مساحات حرّة وأصوات مهنية مستقلة تسعى إلى بناء إعلام رقمي متقدّم. وإن وزارة الإعلام تعمل اليوم على تحديث دورها، بعيداً عن المفهوم التقليدي للرقابة، نحو دورٍ تنظيميّ حديث، يواكب، ويحفّز، ويؤمّن البيئة التشريعية والتكنولوجية المناسبة”.

وشكر القيميين على ملتقى الإعلام العربي، وفي مقدمهم الأستاذ ماضي الخميس، على تنظيم هذا اللقاء، مثمنا “عاليا الدور الرائد لدولة الكويت في رعاية الإعلام العربي المسؤول والجامع”.

وختم مرقص ب”سؤال أضعه أمام الجميع: هل نريد أن نكون في العصر الرقمي صدى لغيرنا، أم صوتًا مستقلًا يصنع محتواه، ويعبّر عن مجتمعاتنا بقيمها، وتاريخها، وتطلّعاتها؟”.