حزب الله يبدّل قواعد اللعبة... والمسيحيون والسنة على لائحة الاستهداف!
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في مشهدٍ سياسيٍ متحوّل، عاد "حزب الله" ليخلط أوراق اللعبة من جديد. لم يتردد في التحالف مع خصومه التاريخيين، وخصوصًا "القوات اللبنانية"، لتأمين مناصفة بلدية شكلية في بيروت، ظنّ البعض أنها مجرد تسوية انتخابية. لكن الحقيقة أعمق وأكثر خطورة: تحالفات عابرة للخصومة، تُخفي مشروعًا قيد التكوين، عنوانه: "إعادة هندسة الداخل اللبناني عبر اختراق الخصوم لا مواجهتهم".
في قلب هذا المشهد، تبرز حقيقتان لا يمكن تجاهلهما. الأولى: أن المسيحيين يُستخدمون مجددًا كجسر عبور لمشاريع أوسع. والثانية – الأهم اليوم – أن الطائفة السنية تعيش تحوّلاً مفصليًا بعد انكفاء "تيار المستقبل". هذا الفراغ الذي خلّفه التيار لم يُملأ بفراغ، بل برمز جديد للاعتدال والشرعية والدولة: رئيس الحكومة نواف سلام.
نواف سلام لا يُمثل نفسه. هو اليوم الممثل الشرعي الوحيد للطائفة السنية المعتدلة، الطائفة التي قاومت دائمًا التطرف ورفضت المساومة على السيادة. من هنا، فإن استهدافه، أو السعي لعزله أو تطويقه، هو استهداف لنهج كامل، ولشريحة واسعة من اللبنانيين قررت الاصطفاف خلف مشروع الدولة لا مشروع السلاح.
سلام لم يعلن معركة شخصية ضد أحد، لكنه أعلن معركة الدولة ضد الفوضى، والمؤسسات ضد الدويلات، والإصلاح ضد المحاصصة. وها هو يُحاصَر، ليس فقط بسبب موقفه من سلاح "حزب الله"، بل بسبب إصراره على فرض رقابة على مطار بيروت ومنع تدفق الأموال الخارجة عن النظام الرسمي، في محاولة لضبط ما تبقى من السيادة الاقتصادية.
لكن الرسالة الأوضح في كل ما يجري، هي أن السنة في لبنان، على خلاف ما يُروّج، ليسوا تائهين ولا مشتتين. هم يقفون خلف رجل واحد، وخط واحد، ومشروع واحد: مشروع الدولة. ومن يراهن على تفتيتهم، أو على استيعابهم في مشاريع إقليمية، سيصطدم بحقيقة هذا الاصطفاف غير المسبوق.
لقد انتهى زمن اللعب على الحبال. المسيحيون اليوم مدعوون لإعادة قراءة الخطاب المزدوج لـ"حزب الله"، والسنة أكدوا تمسكهم بالدولة عبر دعمهم الكامل لرئيس حكومتهم. وحدها الدولة تجمع ولا تُقصي، تصلح ولا تُدمّر، تحمي ولا تُرهب.