مبادرة أمريكا لوقف إطلاق النار في لبنان: إنجاز دبلوماسي أم خطوة انتخابية؟
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
في خضم صراع سياسي متفاقم، تطرح الولايات المتحدة مبادرة غير متوقعة لوقف إطلاق النار في لبنان، محاوِلةً تحقيق ما عجزت عنه في غزة منذ أكثر من عام. تأتي هذه الخطوة الحاسمة قبيل الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر، ما يطرح تساؤلات عميقة حول مدى جديتها؛ فهل تسعى واشنطن حقاً لتحقيق السلام أم أنها مجرد مناورة انتخابية تهدف لتحسين صورتها محلياً؟
لكن يبقى التساؤل الأهم: كيف يمكن للأطراف اللبنانية الثقة في مبادرة من دولة لم تحقق تقدماً ملموساً في تهدئة الأوضاع في غزة؟ الواقع يكشف تحديات كبيرة تعترض طريق الإدارة الأمريكية في الساحة الإقليمية، وقد تُفسر هذه المبادرة كسباق مع الزمن لتحقيق "إنجاز دبلوماسي" سريع قبل صناديق الاقتراع، حتى وإن كان ذلك على حساب استدامة الحلول وأثرها الفعلي على الأرض.
لبنان، بتعقيداته السياسية وتشابك مصالحه الإقليمية، لن يكون ساحة سهلة لتحقيق انفراجة. فالمبادرة السريعة ليست حلاً جذرياً لبلد يعاني من التوترات والانقسامات، ما يجعل الحاجة أكثر إلحاحاً لمقاربة شاملة تُدرك تعقيدات النزاعات وتبني حلولاً دائمة بعيداً عن الحسابات الانتخابية. ربما يكون الحل الأمثل هو السعي نحو إجماع دولي يُشرك قوى إقليمية مؤثرة، مثل الدول العربية، لإرساء الاستقرار بشكل فعلي.
يبقى السؤال: هل ستُعتبر هذه المبادرة الأمريكية بداية لتغيير استراتيجياتها الإقليمية، أم أنها ستظل حلقة جديدة في سلسلة الوعود المتكررة والتطلعات المؤقتة؟ إن الحلول الحقيقية تتطلب التزاماً طويل الأمد ورؤيةً تبتعد عن الرهانات السياسية، وتعمل على معالجة جذور الصراعات لضمان استقرار حقيقي ومستدام في الشرق الأوسط.