هل يفجّر سليمان فرنجية زلزالًا سياسيًا بترشيح خصمه سمير جعجع لرئاسة الجمهورية؟

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

هل يفجّر سليمان فرنجية زلزالًا سياسيًا بترشيح خصمه سمير جعجع لرئاسة الجمهورية؟

في ظل الأزمات المتلاحقة التي تواجه لبنان، ومع اقتراب موعد جلسة 9 كانون الثاني الحاسمة لاختيار رئيس للجمهورية، يبرز تساؤل غير تقليدي: هل يمكن لسليمان فرنجية، المرشح الرئاسي البارز ورئيس تيار المردة، أن يتجاوز خلافاته التاريخية مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ويعلن دعمه له لرئاسة الجمهورية؟

 

تصريحات فرنجية الأخيرة التي ركزت على ضرورة اختيار رئيس "يحمل مشروعًا وطنيًا ورؤية واضحة"، تفتح الباب أمام طرح غير مألوف: هل بإمكان القيادات المسيحية التخلي عن خلافاتها السياسية التاريخية لصالح لبنان؟

بين سليمان فرنجية وسمير جعجع، هناك إرث طويل من العداء السياسي المتجذر في الحرب الأهلية اللبنانية وما تبعها من صراعات على النفوذ داخل الساحة المسيحية. هذه العلاقة المتوترة تُعتبر واحدة من أكثر الملفات حساسية في المشهد السياسي اللبناني، حيث يتنافس الطرفان على زعامة الطائفة المارونية.

 

ورغم هذا التاريخ الصعب، فإن الأزمة الراهنة في لبنان تفرض واقعًا جديدًا. فهل يمكن للطرفين تجاوز الماضي والتعاون لإنقاذ البلاد؟ إذا قرر فرنجية دعم جعجع، ستكون هذه الخطوة زلزالًا سياسيًا يغيّر التوازنات التقليدية.

 

في تصريحاته الأخيرة، شدد سليمان فرنجية على أهمية وجود رئيس يحمل رؤية تتجاوز الأسماء التقليدية، ويكون قادرًا على قيادة البلاد نحو مرحلة جديدة. هذه الرسالة قد تكون بمثابة دعوة ضمنية لجميع الأطراف المسيحية لتقديم مرشحين على أساس المشروع الوطني لا الانتماءات السياسية.

 

لكن، هل يملك فرنجية الجرأة الكافية لدعم خصمه جعجع إذا كان الأخير يحمل مشروعًا يتماشى مع هذه الرؤية؟ خطوة كهذه ستُظهر فرنجية كرجل دولة يضع المصلحة الوطنية فوق الحسابات الضيقة، لكنها في الوقت نفسه ستثير ردود فعل واسعة من قاعدته الشعبية وحلفائه.

 

إذا قام سليمان فرنجية بخطوة دعم جعجع، فإن ردود الفعل ستتباين بشكل كبير:

 

 من قاعدته الشعبية: قد يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تخلي عن المبادئ أو خيانة للتاريخ السياسي.

من حلفائه الإقليميين: محور المقاومة الذي يرتبط به فرنجية قد يعتبر هذه الخطوة انحرافًا عن النهج التقليدي.

 من الأوساط المسيحية: خطوة من هذا النوع قد تدفع الأقطاب المسيحيين الآخرين، مثل جبران باسيل وسامي الجميل، إلى إعادة النظر في مواقفهم.

على الجانب الآخر، كيف سيتعامل سمير جعجع مع احتمال كهذا؟ جعجع الذي يُعرف بثباته على مواقفه السياسية، قد يجد نفسه أمام اختبار تاريخي. قبول دعم من خصمه فرنجية يمكن أن يُنظر إليه كخطوة شجاعة تُظهر نضجه السياسي واستعداده للعمل من أجل المصلحة الوطنية. لكن، هل يستطيع جعجع تجاوز الإرث التاريخي لقبول دعمٍ من خصمه؟

جلسة 9 كانون الثاني: بين الحسابات الوطنية والشخصية

جلسة انتخاب الرئيس المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا ليس فقط للمرشحين، بل لكل القوى السياسية. معايير الاختيار لم تعد تقتصر على الولاءات السياسية أو الحسابات الطائفية، بل أصبحت مرتبطة بمدى قدرة المرشح على تقديم مشروع وطني شامل ينقذ البلاد من أزماتها المتفاقمة.

موقف سليمان فرنجية، سواء بالاستمرار في ترشحه أو بدعم خصم سياسي، سيضعه في موقع القائد الذي يقرأ الواقع بشكل مختلف. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل سيتمكن النواب من تغليب المصلحة الوطنية في التصويت أم ستبقى الحسابات الفئوية هي المسيطرة؟

ترشيح سليمان فرنجية لسمير جعجع قد يبدو سيناريو غير واقعي بالنظر إلى التاريخ الطويل من العداء بينهما. لكنه إذا حدث، فسيكون خطوة تاريخية تعيد تشكيل المشهد السياسي اللبناني.

المسألة لا تتعلق فقط بفرنجية أو جعجع، بل بجميع القوى السياسية التي تواجه اختبارًا غير مسبوق: هل يمكن أن تتجاوز خلافاتها الشخصية والسياسية لوضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار؟

جلسة 9 كانون الثاني ستحدد الإجابة.