مرقص لبايراقداريان في احتفال قانوني رياضي مشترك: هذا نموذج تعاون بين الوزارات

عقد وزيرا الإعلام المحامي بول مرقص والشباب والرياضة د. نورا بايراقداريان، لقاء حواريا، في وزارة الشباب، عصر اليوم، حول كتاب “التحكيم والوساطة في المنازعات الرياضية” للمؤلف د. جوزيف اميل رزق الله، الصادر عن منشورات “الحلبي الحقوقية”، في حضور رؤساء وممثلي الاتحادات والأندية الرياضية المختلفة والأولمبية.
بعد النشيد الوطني، تحدث وزير الإعلام فقال: “مضى زمن طويل، منذ أطلق الفرنسي Pierre de Coubertin الألعاب الأولمبية وشعارها، مؤكدا أن الأساس هو المشاركة، فتوسعت رقعة الألعاب وازداد حجم المسابقات والرياضيين، ودخلت الشركات الراعية والمعلنين عالم الرياضة، فضلا عن الاهتمام المطلق واللامحدود من قبل الإعلام والتلفزيون، وتخطت الرياضة حجم الهواية والترفيه، وأسست مصدرا للكسب والاحتراف وميدانا خصبا للشركات العالمية ورجال الأعمال لاستثمار أموالهم وتحقيق الأرباح، فازدادت العقود وانتشرت الأعمال في مجال الرياضة، وكان لا بد من حصول بعض الإشكاليات والخلافات والنزاعات بين أفرقاء عدة من رياضيين وأندية واتحادات ورعاة وعاملين ومستثمرين في هذا القطاع”.
أضاف: “يبدو أن حجم هذه الاستثمارات المتزايد باستمرار من جهة، وعالمية الرياضة المنتشرة في كل أقطاب العالم والعقود الدولية العامة والخاصة المرتبطة بها من جهة ثانية، دفع برجال الأعمال والحقوقيين العاملين في هذا المضمار إلى ايجاد صيغة متميزة لحل الإشكالات والنزاعات التي تحصل في مسائل الرياضة ومتفرعاتها، وكان لا بد في هذا الإطار من إيجاد مرجعية متخصصة تناط بها مسألة حل النزاعات هذه، وتتميز بالصفات الآتية: الاختصاص، المناقبية، السرعة والسرية في الكثير من الحالات”.
وتابع: “على غرار ما هو معمول به في غرفة التحكيم الدولية في فرنسا وسائر الهيئات التحكيمية وأنظمة التحكيم المعترف بها دوليا، سعت اللجنة الأولمبية الدولية (Comité International – (CIO Olympique إلى إيجاد هيئة متخصصة تسعى إلى حل النزاعات القائمة في المسائل الرياضية عن طريق الوساطة أو التحكيم، وكان لها ما أرادت في عام ١٩٨٤ حيث أقرت وأنشأت المحكمة التحكيمية للرياضة Court of Arbitration for Sports (CAS) أو بالفرنسية Tribunal Arbitral (TAS)، ومنحتها صلاحيات واسعة للسير قدما نحو المحافظة على روحية الرياضة والبت بالخلافات الناشئة في شأنها”.
وتابع: “في هذا الإطار، يتناول الدكتور جوزيف رزق الله في مؤلفه القيم موضوع التحكيم والوساطة في المنازعات الرياضية، مستعرضا مهام محكمة التحكيم الرياضية والمنازعات الداخلة ضمن اختصاصها وإجراءات الدعوى التحكيمية أمامها، مرورا بآلية تنفيذ قراراتها وطرق الطعن بها، وصولا إلى تعداد مراكز التحكيم الرياضية الدولية والعربية، ومنها المحكمة التحكيمية الدولية لكرة السلة (BAT) Basketball Arbitral Tribunal ومركز الإمارات للتحكيم الرياضي ومركز التحكيم الرياضي في لبنان. كما تطرق الكاتب في القسم الثالث من مؤلفه إلى الوساطة في المنازعات الرياضية، مشيرا إلى خصائصها وأهميتها والمراحل التي تمر بها”.
وأردف: “تبارك للدكتور رزق الله مؤلفه الجديد ونشكره على إغناء مكتبتنا الرياضية وإتاحة الفرصة للرياضيين وسائر العاملين في القطاع الرياضي في لبنان للإطلاع على الوسائل والآليات البديلة التي تمكنهم من حل الإشكاليات والنزاعات التي تعترضهم. كما أغتنم هذه المناسبة لتوجيه الشكر إلى وزيرة الشباب والرياضة الدكتورة نورا بايراقداريان لاستقبالنا في وزارتها وحرصها على إجراء هذا اللقاء الحواري لإبراز أهمية التحكيم والوساطة في المنازعات الرياضية، مما يؤكد دور الحكومة والوزارات المعنية في تطوير الرياضة وتشجيع الشباب والرياضيين وسائر العاملين فيها، وذلك عملا بتوصيات فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء، وسوف نكون دائما إلى جانب الشباب والرياضيين في لبنان لدعمهم وتشجيعهم على بذل المزيد من الجهود لإعلاء شأن الرياضة في لبنان والخارج وتحقيق أفضل النتائج والإنجازات”.
بايراقداريان
ثم ألقت وزيرة الشباب والرياضة كلمة أشارت فيها إلى أن ما “يميز هذه الصفحة الجديدة في لبنان هو التعاون المشترك بين الوزراء على كل المستويات، مما أضاف قيمة مهمة بين وزارتي الإعلام والشباب والرياضة”.
وأكدت أن “لقاء كهذا ينظم للمرة الأولى في وزارة الشباب، لمناقشة كتاب علمي متخصص يحمل عنوانا مهما: التحكيم والوساطة في المنازعات الرياضية للمؤلف د. جوزيف اميل رزق الله”، وقالت: “هذا اللقاء هو موقف وخيار من وزارة الشباب والرياضة بهدف تشجيع البحث العلمي المتخصص وتطوير القطاع عبر الفكر والقانون والمؤسسات”.
وتطرقت إلى “عناوين محورية للمؤلف رزق الله”، مشيرة إلى أنه “تناولها بموضوعية، وهي تعتبر إنجازا قانونيا وعلميا في كيفية إدارة النزاعات بحكمة ونزاهة”.
وتحدثت عن “أهمية الكتاب في حل النزاعات الرياضية”، معتبرة أنه “حاجة فعلية لضمان العدالة المتخصصة والمحايدة في حماية الحياة الرياضية.
رزق الله
أما المؤلف فقال: “بداية أتقدم من معالي وزيرة الشباب والرياضة التي تشع علما وأخلاقا ونورا البروفسورة نورا بايراقدريان بالشكر الجزيل على استضافتها لنا هنا في وزارة الشباب والرياضة، والشكر موصول الى معالي وزير الإعلام الدكتور بول مرقص. وأحيي المحامي سلوان صادر الذي كان أول من يصدر كتابا في مجال الرياضة في لبنان، كذلك هو أول طالب ينجز دكتوراه في القانون الرياضي تحت إشرافي في الجامعة اللبنانية”.
اضاف: “أود تسجيل عدة ملاحظات، أولها الظاهرة الملفتة التي شهدناها في مجال الرياضة، وهي عصر الرياضة كهواية وتحولها الى الإحتراف ونزوعها نحو الصناعة الرياضية للنجوم والصفقات التجارية والتسويق للأسماء والعلامات التجارية وبراءات الإختراع. والمفارقة التي تدعو الى الدهشة تمثلت بتحول الأندية الرياضية في العالم من أندية جماهيرية لها أبعاد وانتماءات مناطقية إقليمية الى شركات رياضية عابرة للحدود يتملكها رجال أعمال ومستثمرون نافذون من إنتماءات متعددة تتوخى الربح ويتم تداول أسهمها التي تطرح في
البورصة، باريس سان جرمان هو نادي العاصمة الفرنسية ولكن تعود رئاسته الى القطري ناصر الخليفي وهو مملوك من شركة قطر للاستثمارات الرياضية، والقائمة تطول”.
وتابع: “المحصلة كانت تشعب العلاقات والروابط في ما بين اللاعبين ووكلائهم والأندية والإتحادات والجهات الضامنة والممولة والراعية، مما حتم وجود نظام تعاقدي بحكم تعاقداتهم وانتقالاتهم، وقانون رياضي موحد ومستقل عن فروع القانون الأخرى، وقضاء خاص ومتخصص في بت المنازعات الرياضية وقواعد إجرائية خاصة تتلاءم مع خصوصية تلك المنازعات والمصالح. فكان التحكيم الحل الأمثل لتحقيق العدالة الرياضية على قاعدة أن الرياضة تتطلب سرعة التحرك ومرونة الجسم والعضلات والكفاءة والمهارة والفن، وهذه كلها من مزايا التحكيم المتسم بالمرونة والسرعة وكفاءة وتخصص المحكمين في موضوعاته”.
وقال: “ظاهرة أخرى ملفتة شهدناها هي تعاظم مكانة محكمة التحكيم الرياضية الدولية CAS المنشأة في العام 1984، والتي أضحت المرجعية الحقوقية العليا في مجال المنازعات الرياضية وباتت تمتلك ترسانة ضخمة من الإمكانات والوسائل القانونية، وكما متزايدا من الصلاحيات مكنها من تدعيم صرح قضاء التحكيم الرياضي من خلال السوابق والمبادىء الإجتهادية المكرسة في القرارات الصادرة عنها”.
أضاف: “هذا الكتاب يضيء على محكمة التحكيم الرياضية الدولية CAS التي اتسع نطاق صلاحياتها، والتي وصفها خوان أنطونيو سامارانش بأنها المحكمة العليا في مجال الرياضة الدولية التي أضحى اللجوء اليها طريقا عاديا لحل المنازعات الرياضية بعيدا عن القضاء الوطني وباستقلالية عن أي جهة دولية أو وطنية أو إتحادية وخصوصا عن المؤسسة الأم عنينا اللجنة الأولمبية الدولية”.
وتابع: “يشير الكتاب الى ما باتت تملكه محكمة CAS من ولاية شاملة في مجال العدالة الرياضية التي لا تقتصر على التحكيم العادي والإستئنافي بل امتدت لتشمل الوساطة الرياضية، وتقديم المشورة للمنظمات الرياضية الكبرى وصولا الى التحكيم الطارىء خلال الفعاليات الرياضية الكبرى. كما يشير الى الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم وغيرها من البطولات، من منطق تقريب العدالة وجعلها على تماس مع أرض الحدث الرياضي”.
وأردف: “كما يتضمن الكتاب التركيز على ما يفرضه الميثاق الأولمبي وهو الدستور الحاكم للرياضة من ضرورة إضفاء الطابع المستقل – المتخصص على العدالة الرياضية الذي يشكل التحكيم العنوان العريض فيها، الذي يقوم على توافق الفرقاء على اختيار المحكمين الذين سيطبقون القوانين المتوافق عليها بين الأطراف أو مبادىء العدل والإنصاف وأنظمة رياضية من طبيعة خاصة Sui Generis ولكنها تشكل نواة القانون الرياضي Lex Sportiva المحلي والدولي”.
وقال: “كذلك يشير الكتاب إلى أوجه مختلفة من العدالة الحقوقية الرياضية التي تلفظها اللجان القضائية التابعة لبعض الإتحادات الدولية كالإتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، الذي تطرقنا في هذا الكتاب الى لجانه القضائية المختلفة لجنة الانضباط ولجنة الأخلاق والاستئناف ومحكمة كرة القدم التابعة له”.
اضاف: “يتضمن الكتاب ايضا، تحليل BAT محكمة التحكيم لكرة السلة تبقى كرة السلة اللعبة الرياضية الشعبية، فكان حربا بنا التطرق اليها وهي منشأة من قبل الإتحاد الدولي لكرة السلة FIBA في العام 2007، ولها هيكلية وقواعد إجرائية خاصة وصلاحيات مقتصرة على منازعات كرة السلة دون غيرها والتي لا يكون للاتحاد الدولي لكرة السلطة ومتفرعاته أصحاب مصلحة أو أطراف فيها. انتهينا في هذا الكتاب الى واقع الرياضة في لبنان إشكالية اختصاص القضاء العادي عند وجود بند تحكيمي بإيلاء الاختصاص لهيئة تحكيمية؟ الأندية لا تعدو كونها جمعيات ينطبق عليها نظام خاص فهي تستثنى من تطبيق قانون الجمعيات للعام 1909، فيتم إنشاء جمعيات الشباب والرياضة بترخيص من وزير الشباب والرياضة بعد استطلاع رأي وزارة الداخلية والبلديات المادة 16 من القانون رقم (2004/629). ويمكن للوزير إلغاء الترخيص بإنشاء الجمعية أو حل الهيئة الإدارية للإتحاد في حال ارتكبت مخالفة جسيمة لنظامها أو للقوانين والأنظمة النافذة المادة 17 من القانون نفسه”.
وتابع: “المادة 762 من قانون أصول المحاكمات المدنية أجازت للمتعاقدين أن يدرجوا في العقد التجاري أو المدني المبرم بينهم بندا ينص على أن تحل عبر التحكيم جميع المنازعات القابلة للصلح التي تنشأ عن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره. بالمقابل لم يتضمن هذا القانون نصا عاما وصريحا ينزع الإختصاص عن المحاكم العادية عند وجود بند أو مشارطة تحكيم تشير الى قرار رئيس الغرفة الإبتدائية الأولى في بيروت الناظرة في قضايا التحكيم الذي أشار إلى أن إتفاقية نيويورك لعام 1958 التي أجيز للحكومة اللبنانية الإنضمام اليها نصت على أن محكمة الدولة المتعاقدة المرفوع اليها نزاع أبرم بشأنه إتفاقية تحكيم تحيل هؤلاء الفرقاء الى التحكيم بناء على طلب أحدهم ما لم يثبت أن الإتفاقية المذكورة باطلة أو غير فاعلة أو غير قابلة للتطبيق. ونظرا لتقدم الاتفاقية الدولية على القانون الذي لم يتضمن نصا صريحا بعدم اختصاص المحكمة عند وجود بند تحكيمي على غرار القانون الفرنسي) فيستند الى اتفاقية واشنطن لاعتبار النزاع خاضعا للتحكيم”.
واردف: “لا يختلف الوضع إذا كان التحكيم دوليا أو محليا فيفترض بالمحكمة العادية إعلان عدم اختصاصها في حال دفع أحد الأطراف بعدم الإختصاص. ويتوافق ذلك مع ما ورد في المادة 2 من نظام التحكيم الرياضي في لبنان حول الإختصاص الحكمي لمركز التحكيم بشأن أي نزاع رياضي والذي أتى بشكل مطلق دون اشتراط إيراد بند تحكيمي. فقد نصت المادة 2 على أن يتولى المركز الفصل في اأي نزاع رياضي باستثناء ما يتعلق بقواعد اللعبة الفنية، وأي نزاع ناشيء عن شأن رياضي يتضمن بندا تحكيميا لا يكون نزاعا رياضيا بالضرورة بل يرتبط بالرياضة بأية صلة سببية كانت أو تعاقدية).
هذه المادة معطوفة على المادة 11 من القواعد الإجرائية التي ورد فيها صراحة ما يشير الى وجود الاختصاص الحكمي للمركز حيث ورد حرفيا على الطرف الراغب في اللجوء الى التحكيم أن يتقدم بطلب الى المركز يتضمن ما يلي: …. نسخة عن العقد المتضمن البند التحكيمي أو اتفاقية التحكيم الخاصة التي بموجبها تم إحالة النزاع الى المركز في الحالة التي لا يكون فيها المركز مختصا حكما.
كذلك ما ورد في الفقرة الثانية من المادة 22 من القواعد الإجرائية أنه في حال رفض أحد الفرقاء، بالرغم من ثبوت اختصاص المركز المشاركة في التحكيم أو امتنع عن ذلك، تم هذا التحكيم رغم هذا الرفض أو الامتناع”.
وقال: “كل هذه النصوص صادرة في نظام مصادق عليه من قبل اللجنة الأولمبية اللبنانية، لذلك وفي ظل عدم وجود نص صريح في قانون أصول المحاكمات المدنية ينزع الاختصاص عند وجود البند التحكيمي أو عدم وجود القانون الرياضي في لبنان الذي يتضمن مثل هذا البند يبقى الأمر متوقفا على أهواء ومزاجية بعض القضاة مما قد يؤدي الى تضارب في الإجتهاد. وفي حال قام بعض القضاة العدليين بالنظر في المنازعات الرياضية الصرفة أو تلك التي تتضمن بنودا أو مشارطة تحكيم، فإن ذلك يتعارض مع المواثيق الرياضية الدولية التي انضمت اليها الدولة اللبنانية والشرعة الأولمبية التي تفرض على كافة الدول إتاحة المجال أمام الأطراف لبت المنازعات الرياضية من خلال التحكيم الرياضي وتحث الاتحادات الرياضية على إدراج بنود في أنظمتها تعطي الصلاحية لمراكز التحكيم المحلية أو المحكمة CAS“.
اضاف: “ان أوجه القصور في عمل مركز التحكيم اللبناني تتمحور حول العلاقة المالية التي تربطه باللجنة الأولمبية التي لا تجعله متمتعا بالاستقلالية الكاملة تجاهها علاوة على ذلك فإنه وفقا للمادة 25 من القواعد الإجرائية للمركز يتم اعتماد نظامه وتعديله من قبل الجمعية العمومية للجنة الأولمبية اللبنانية بناء على اقتراح اللجنة التنفيذية أو مجلس إدارة مجلس التحكيم”.
وختم: “ان العدالة الرياضية الخفية التي تبقى في الأروقة أو في أدراج البعض سواء لعدم نشر أنظمتها وتعميمها أو لجهل الرياضيين بمضامينها هي إنكار للعدالة. لذلك أهدي هذا الكتاب الى كل رياضي يستشعر ظلما”.
مداخلات
وتخلل اللقاء مداخلات من عدد من الحضور الذين أثنوا على “إصدار هذا الكتاب القيم كما ونوعا في تسليط الضوء على التحكيم في النزاعات الرياضية المختلفة”.