نواف سلام... المرشّح للاغتيال السياسي؟
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في لبنان، كل شيء يُقال بصوت خافت إلا التهديد. أما الدولة، فإما أن تصمت أو تُكمّم.
في الأيام الأخيرة، خرجت مواقف من مشايخ ونواب حزب الله لا تحتمل التأويل. رسائل مغلّفة بالسلاح، تحذّر من “الضغط في ملف الحكومة”، وتربطه بمصير لبنان. الترجمة الفعلية؟ أي محاولة لقيام الدولة هي خطر يجب إسكاته.
النائب حسين جشي، الشيخ نعيم قاسم، ومفتي الحزب أحمد قبلان، لا يطلقون تصريحات. إنهم يكتبون بيانات تهديد. وفي صلبها رسالة واحدة: لا دولة بلا سلاح، ولا حكومة بلا إذن.
وهنا تدخل المعادلة في لحظة خطرة: الجنوب يغلي، تقارير إسرائيلية تتحدث عن خطف مدنيين في عمليات مرتقبة، والخطاب الداخلي يُهيّئ المناخ لانفجار.
والسؤال الحقيقي: من هو الهدف؟
نواف سلام في عين العاصفة
رئيس الحكومة نواف سلام ليس موظفًا. هو آخر ما تبقى من مشروع الدولة. قاضٍ دولي، دبلوماسي، رجل شرعية ومؤسسات. دخوله إلى السراي لم يكن مجرد تعيين، بل كان محاولة إنقاذ.
واليوم، يتم تطويقه.
منطق الضغط نفسه الذي سبق اغتيال رفيق الحريري عام 2005 عاد بنسخة 2025: تشويه، عرقلة، عزل. نفس اللغة، نفس المسار، لكن بأدوات مختلفة.
في 2005، كان القرار 1559 هو الذريعة. اليوم، القرار 1701. وبينهما مسافة دم ودخان.
هذا ليس تهويلاً. هذا إنذار مبكر
استهداف نواف سلام سياسيًا أو معنويًا، يعني اغتيال ما تبقى من فكرة الدولة. ومَن يصمت على ذلك، شريك.
الرجل لا يحمل أجندة خارجية. يحمل دستورًا. لا يفاوض على حدود الطائف. لا يساوم على الشرعية. وهذا وحده يكفي ليصبح “خطرًا” في نظر من اعتاد التحكم بالدولة من خارجها.
أي ضوء أخضر لتطويقه، يعني أن المجتمع الدولي قرر التخلي عن لبنان، تمامًا كما حدث في 2005.
لا أحد محايد أمام الاغتيال الثاني
نواف سلام ليس فوق النقد. لكنه اليوم خط تماس. ليس لأنه زعيم، بل لأنه آخر باب للدولة.
إسقاطه أو تشويهه هو نهاية فكرة لبنان الذي نحاول استرداده من تحت الركام.
وعلى الجميع أن يختار: إما الوقوف خلف مشروع دولة تحكمها المؤسسات، أو السكوت على منطق السلاح الذي يكتب بيانات التهديد.