الخوف من التصعيد الإسرائيلي يتزايد.. تحرك ديبلوماسي أخير قبل الإنفجار؟

بقلم الكاتب والباحث السياسي ربيع المصري

الخوف من التصعيد الإسرائيلي يتزايد.. تحرك ديبلوماسي أخير قبل الإنفجار؟

يتسارع تصاعد المواجهة العسكرية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، في موازاة تسارع الاتصالات السياسية والديبلوماسية في سبيل خفض التصعيد ومنع تطور المواجهات الى حرب واسعة أو الإنتقال الى مرحلة "أيام قتالية". على مدى ثلاثة ايام يشهد الجنوب تصعيداً نوعياً في العمليات، وسط زيادة التهديدات الإسرائيلية على لسان المسؤولين بأنهم سيركزون في المرحلة المقبلة على لبنان. حزب الله عمق من استهدافاته كرد على هذه التهديدات بأن جاهز لأي سيناريو وجاهز للمواجهة وأنه لا يزال يمتلك أسلحة نوعية ستشكل مفاجأة للإسرائيليين.

 

 

 

يمكن توصيف الغارات الكثيفة والمتزامنة التي شنّت الأربعاء باتجاه بلدة عيتا الشعب، وهي أكثر البلدات التي تعرضت لعمليات قصف، وقد يكون هناك أهداف متعددة من وراء ذلك. أولها أن يتم جعل المنطقة غير مأهولة، واعتماد سياسة الارض المحروقة، وتخويف الناس في القرى الحدودية لدفعهم للمغادرة. ثانيها، ما يحاول الإسرائيلي تسويقه بأن هذه المنطقة تحتوي على انفاق عسكرية لحزب الله، لا سيما أن الإسرائيليين ووفق سرديتهم فإن كل القرى على الشريط الحدودي فيها انفاق. هناك جانب آخر في السردية الإسرائيلية لا يجب اغفاله، خصوصاً بالنظر الجغرافي لعيتا الشعب والتي تبدو إحدى أكثر البلدات التي يهتم بها حزب الله نظراً لموقعها، فيما يحاول الإسرائيليون من خلال هذه الضربات اكتشاف ما لدى الحزب فيها، أو ربما ما هو تحت الأرض، أو التلويح بأنه يمهد لتوغل عسكري باتجاهها، سيكون هدفه وعنوانه هو تدمير الانفاق. ولكن هذا بالتأكيد في حال حصل فإنه سيؤدي الى بالتأكيد الى مواجهة واسعة مفتوحة.

 

 

 

في المقابل، هناك من ينظر الى هذا التصعيد في خانة التفاوض بالنار، خصوصاً في ظل المفاوضات الإيرانية الأميركية المستمرة، والتي تركز فيها طهران على تجنيب حزب الله أي حرب اسرائيلية واسعة، وسط ترقب لمصير العملية العسكرية في رفح والتي يريد الإسرائيليون أن ينتزعوا موافقة اميركية بشأنها وعدم انخراط أوسع من قبل المحور الإيراني. بينما آخرون يعتبرون أن الإسرائيليين يصعدون باتجاه رفح ولكن عينهم على لبنان لأنه لا يمكنهم التعامل مع حزب الله كقوة أساسية قادرة على تهجير سكان المستوطنات الشمالية، وذلك يحتّم على الإسرائيليين البحث عن صيغة لتعديل ميزان القوى العسكري في جنوب لبنان إما بعملية عسكرية واسعة وإما بالمفاوضات التي تخوضها أكثر من دولة.

 

 

 

في هذا السياق، تبرز المعلومات التي تحدث عن اتصالات أجراها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بهدف اعادة تثبيت تخفيض منسوب المواجهة بدلاً من اتساعها خصوصاً بعدما عمل الإسرائيليون على تجاوز قواعد الإشتباك، وكثفوا من ضرباتهم في العمق اللبناني، في مقابل اسقاط حزب الله لأكثر من طائرة مسيرة بصواريخ أرض جو واستهداف شمال عكا. الى جانب المساعي الأميركية يجدد الفرنسيون تحركاتهم من خلال زيارة سيجريها وزير الخارجية الفرنسي الى بيروت يوم السبت المقبل حاملاً معه رسالة واضحة لرئيس مجلس النواب نبيه بري حول أهمية منع التصعيد، وتتضمن تعديلاً في المقترح الفرنسي السابق لوقف اطلاق النار في الجنوب. انها زيارة لتجديد دور فرنسا على الساحة اللبنانية، في محاولة انسجام مع المسار الأميركي، وسط مخاوف من أن تكون هذه التحركات الديبلوماسية هي التحركات الأخيرة ما قبل الإنفجار الكبير.