لبنان بين نارين: تهديدات ترامب وسلاح حزب الله.. إلى متى؟
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإلى قيادة حزب الله، رسالة واحدة يبعثها الشعب اللبناني بكل وضوح: كفى استخدام لبنان ساحةً للصراعات الدولية والإقليمية! لقد دفعنا الثمن غاليًا من دمائنا، من اقتصادنا، ومن استقرارنا، ولن نقبل أن نكون ورقة مساومة في لعبة الأمم.
الرئيس ترامب، تهديداتكم بفرض الفصل السابع وإرسال قوات دولية إلى لبنان ليست حلاً، بل هي شرارة قد تشعل فتيل أزمة جديدة نحن بغنى عنها. لبنان بلد يعاني من أزمات اقتصادية غير مسبوقة، وشعبه يواجه الجوع والفقر بسبب سياسات داخلية فاشلة، ومصالح خارجية لا ترحم. فهل سيكون التدخل العسكري هو الحل؟ أم أن المطلوب مساعدة لبنان على النهوض بدل خنقه بعقوبات إضافية؟
إلى حزب الله: لبنان ليس درعًا لأي طرف إقليمي!
أما أنتم، قيادة حزب الله، فلا يمكنكم الاستمرار في اعتبار لبنان قاعدة عسكرية لمعارك خارجية، بينما المواطن اللبناني يدفع الثمن غلاءً وفقرًا وعزلة دولية. نعم، سلاحكم كان في يوم من الأيام جزءًا من معادلة الدفاع عن لبنان، لكن هل ما زال كذلك عندما يصبح الوطن كله رهينة لهذا السلاح؟
هل يمكن للبنان أن يكون دولة ذات سيادة حقيقية، بينما هناك فصيل سياسي يملك سلاحًا يفوق سلاح الدولة؟ هل يمكن أن يتحقق الاستقرار في بلد تتحكم في قراراته قوى خارجية عبر وكلائها المسلحين؟
لقد آن الأوان لقول الحقيقة كما هي: لبنان لا يمكن أن يكون دولة طبيعية ما دام هناك سلاح خارج إطار الدولة. السلاح الذي كان يومًا ما رمزًا للمقاومة تحول اليوم إلى عامل يُضعف الدولة، يمنع مؤسساتها من فرض سلطتها، ويجعل من لبنان ساحة صراع مفتوحة. إذا كان الهدف حقًا هو الدفاع عن لبنان، فلماذا لا يكون ذلك من خلال جيش وطني قوي، يخضع للسلطة الشرعية، ويكون الضامن الوحيد للأمن والاستقرار؟
حزب الله وتسليم السلاح: خطوة نحو الدولة لا ضدها
إن تسليم حزب الله لسلاحه إلى الدولة اللبنانية ليس خيانة، بل هو الحل الوحيد لإنقاذ لبنان من العزلة والتدهور المستمر. فبدلًا من أن يكون سلاحكم سببًا في جرّ لبنان إلى مواجهات لا علاقة له بها، لماذا لا تكونون جزءًا من مشروع بناء الدولة القوية، دولة لا تحتاج إلى سلاح خارج سلطتها لتحمي نفسها؟
إن استمرار امتلاككم لهذا السلاح لا يُضعف خصومكم فقط، بل يضعف لبنان ككل، يجعله عرضة للعقوبات، ويمنعه من تحقيق نهضته الاقتصادية والسياسية. آن الأوان لاتخاذ قرار شجاع: تسليم السلاح إلى الدولة، والانخراط في العمل السياسي كحزب يمثل جزءًا من الشعب، لا كقوة عسكرية فوق الدولة.
نحن، الشعب اللبناني، نرفض أن يُفرض علينا خياران أحلاهما مرّ: إما تدخل عسكري دولي، أو استمرار وضع سياسي وأمني يجعل لبنان دولة فاشلة. نريد أن نعيش في دولة تحترم سيادتها، تفرض قوانينها، وتنأى بنفسها عن كل لعبة إقليمية.
رسالتنا واضحة:
دعونا نبني وطناً يحترمه الجميع، وطناً تحكمه مؤسسات الدولة، لا ساحة تصفية حسابات بين القوى الكبرى!