نتنياهو يدرس مخاطر هجوم رفح والإسرائيليون منقسمون حول الرهائن
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا من الداخل والخارج وهو يدرس المدى الذي يمكنه المضي قدما إليه في العملية الرامية إلى إلحاق الهزيمة بحركة "حماس" في رفح والتي تسد المزيد من نوافذ الأمل في إعادة الرهائن الإسرائيليين.
وأصبحت احتجاجات الشوارع من عائلات وأنصار بعض الرهائن الذين لا يزالوا محتجزين في غزة ويزيد عددهم على 130، ظاهرة مستمرة، حيث يطالب المحتجون باتفاق لوقف إطلاق النار مع "حماس" لإعادتهم.
ويطالب آخرون الحكومة والجيش الإسرائيلي بالمضي قدما في عملية رفح لتعقب فلول تشكيلات "حماس" المتمركزة حول المدينة، والتي بدأت هذا الأسبوع بقصف جوي ومعارك على مشارف المدينة.
وقالت ميريت هوفمان، المتحدثة باسم "أمهات جنود جيش الدفاع الإسرائيلي"، وهي مجموعة تمثل عائلات العسكريين العاملين التي تريد اتباع نهج متشدد للضغط على حماس لحملها على الاستسلام: "نؤيد الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي في دخول رفح... نعتقد أن هذه هي الطريقة التي تتم بها المفاوضات في الشرق الأوسط".
وتتجلى في الضغوط المتعارضة الانقسامات في حكومة نتنياهو بين وزراء الوسط القلقين من جفوة واشنطن، الحليف الأهم لإسرائيل ومورد الأسلحة الرئيسي لها، وبين المتشددين القوميين المتدينين المصرين على القضاء على "حماس" في قطاع غزة.
وألقت "حماس" بنتنياهو في معضلة هذا الأسبوع حين أعلنت قبولها اقتراح وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر لوقف القتال مقابل تبادل رهائن بسجناء فلسطينيين. ورفض المسؤولون الإسرائيليون العرض، واتهموا "حماس" بتغيير شروط الصفقة. لكن المفاوضات لم تتوقف ولا تزال الجهود الدبلوماسية المكوكية مستمرة حيث يزور رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) بيل بيرنز إسرائيل اليوم الأربعاء للاجتماع مع نتنياهو.
وعلى الصعيد الدولي، انتشرت احتجاجات مناهضة للحملة الإسرائيلية في غزة التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية المحلية، وانتشار سوء التغذية والأمراض في القطاع.
وبعد سبعة أشهر من الحرب، تظهر الاستطلاعات أن الرأي العام ازداد انقساما في إسرائيل منذ أن تعهد نتنياهو لأول مرة بسحق "حماس" ردا على هجوم السابع من أكتوبر الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقا لإحصائيات إسرائيلية، وأدى إلى تدشين الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة.
وقالت إليشيفا ليبلر (52 عاما) من القدس: "أفهم أنه يتعين إلحاق الهزيمة بحماس، لكنني أعتقد أن ذلك يمكن أن ينتظر، (لكن) الرهائن لا يمكنهم الانتظار... كل ثانية يقضونها هناك تشكل خطرا مباشرا على حياتهم".
وحتى الآن، نجح نتنياهو في إبقاء مجلس الوزراء متحدا، رافضا أحدث مقترح من "حماس" لوقف إطلاق النار، لكنه أبقى على المفاوضات مستمرة بإرسال مسؤولين متوسطي المستوى إلى القاهرة حيث يشرف الوسطاء المصريون على العملية.
إلا أن المخاطر التي يواجهها بسبب رفضه التوصل لاتفاق، متوافقا مع رغبة شركائه اليمينيين المتشددين، تجلت أمس الثلثاء حين علقت واشنطن شحنة أسلحة في خطوة لتوضيح معارضتها للهجوم على رفح.
انقسام الرأي العام
على الرغم من النظر إلى نتنياهو باعتباره أحد صقور الأمن، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في السلطة صعوبات بسبب صورة ذهنية انتشرت على نطاق واسع باعتباره الشخص المسؤول عن الإخفاقات الأمنية التي سمحت لـ"حماس" بالتغلب على دفاعات إسرائيل حول غزة.
وأذكى ذلك عدم الثقة بين كثيرين من الإسرائيليين الذين يؤيدون اتباع نهج صارم ضد "حماس".
وأشار استطلاع للرأي نشرته القناة 13 اليوم الأربعاء إلى أن 56 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أن هاجس نتنياهو الرئيسي هو البقاء السياسي مقابل 30 بالمئة فقط يعتقدون أن هاجسه الأساسي هو تحرير الرهائن.
وتوصل استطلاع للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية إلى أن أكثر قليلا من نصف السكان يعتقدون أن إبرام اتفاق لإنقاذ الرهائن يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة وأن يتقدم على هدف تدمير فلول تشكيلات "حماس".
لكن استطلاعا منفصلا أجراه معهد سياسة الشعب اليهودي وجد أن 61 بالمئة يعتقدون أن الجيش يجب أن يتحرك في رفح بصرف النظر عن العواقب. وأظهر استطلاع القناة 13 أن 41 بالمئة يؤيدون قبول الصفقة و44 بالمئة يعارضونها.
وقال ديفيد تاوب (81 عاما) من القدس: "لا أثق بحماس بالمرة... الحل الوحيد هو احتلال رفح وبعد ذلك ربما يعود الرهائن إلينا كما نأمل ونبتهل للرب".
ويعتمد نتنياهو حاليا على اثنين من المتشددين من الكتلة الدينية القومية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن إيتمار بن جفير، وكلاهما يرفض أي مقترح للتسوية.
وكثيرا ما دخل الاثنان في سجال مع بيني غانتس، الجنرال السابق في الجيش وهو من الوسط انضم إلى حكومة الحرب في أعقاب السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وهو المنافس الرئيسي ليحل محل نتنياهو في انتخابات جديدة.
وغانتس وحليفه جادي آيزنكوت، وهو قائد سابق آخر في للجيش، كلاهما عدو لدود لحماس لكنهما يشعران بالانزعاج من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
لكن اليأس يستبد بعائلات الرهائن الذين تتفوق رغبتهم في عودة ذويهم على أي اعتبار آخر.
وقالت نيفا فينكرت، والدة الرهينة عومر فينكرت (22 عاما) إنها لا تجد بدا من الثقة بالقادة الإسرائيليين لكنها لا ترى ما يكفي من الجهود.
وأضافت: "الرهائن ما زالوا في غزة والعمليات العسكرية توقفت تقريبا والمعنويات سيئة جدا. أريد عودة عومر