تركيا ترسل مرتزقة سوريّين إلى النيجر وفتوى شرعيّة تحرم الارتزاق

تركيا ترسل مرتزقة سوريّين إلى النيجر وفتوى شرعيّة تحرم الارتزاق

تزايدت خلال الأيام الماضية، المؤشرات والدلائل إلى صحة ما أشيع عن زج أنقرة بمرتزقة سوريين إلى النيجر لحماية مصالحها في الدولة الأفريقية الغنية بالثروات، وبخاصة اليورانيوم والليثيوم. وتحدثت تسريبات نُشرت أخيراً عن وصول جثث عشرات المقاتلين الذين قتلوا في معارك في النيجر إلى مناطق سيطرة تركيا في الشمال السوري، من دون ذكر أيّ تفاصيل عن هذه المعارك ومكان وقوعها وأطرافها.

 

وأكد مصدر مقرّب من "الجيش الوطني السوري" التابع لتركيا صحة المعلومات، غير أنه شدد على أن السوريين لم ينخرطوا حتى الآن في أي معارك بل تقتصر مهمتهم على حراسة منشآت ومناجم ومؤسسات حكومية، مشيراً إلى عدم صحة الصور التي انتشرت أخيراً وقيل إنها لسوريين قتلوا في معارك في النيجر.

 

ضد روسيا أم معها؟

وما زال يسود كثير من اللغط حول دوافع أنقرة لإرسال مرتزقة سوريين إلى دولة أفريقية بعيدة. وبينما كانت المعلومات الأولية التي انتشرت منذ مطلع العام الجاري تشير إلى رغبة أنقرة في منافسة روسيا في النيجر كما فعلت من قبل في ليبيا وأذربيجان، لا سيما بعد تزايد الحضور الروسي في النيجر وانسحاب القوات الفرنسية، طرأ متغيّر مهم مع تأكيد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض رامي عبد الرحمن أن المرتزقة السوريين يقاتلون في النيجر إلى جانب القوات الروسية، ما ينفي فرضية التنافس بين الدولتين.

 

وقال مدير المرصد إن "المرتزقة السوريين في النيجر يقاتلون إلى جانب شركة عسكرية روسية.. والمفارقة أن هؤلاء يقاتلون الروس داخل سوريا.. والمجتمع الدولي الذي يدعي أنه يحارب المرتزقة لا يشاهد عمليات نقلهم إلى النيجر وتحويل السوريين إلى مرتزقة بثمن بخس".

 

نشر المرصد السوري نقلاً عن مصدر أمني في "الجيش الوطني"، تقريراً يفيد فيه بأن من وصفهم بـ"المرتزقة السوريين" يقاتلون إلى جانب الشركة العسكرية الروسية "فاغنر" في النيجر.

 

وأفاد التقرير بأن هذه المهمة هي الأصعب من رحلات الارتزاق السابقة التي جرّت تركيا الشباب إليها في ليبيا وأذربيجان، مضيفاً أن المرتزقة يعملون أساساً في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهي منطقة معروفة بجماعاتها المتطرفة النشطة والجهاديين.

دفعات المرتزقة إلى النيجر

ونشرت صحيفة "الوطن" السورية الموالية للنظام تقريراً أشار إلى بدء الإدارة التركية تجهيز دفعة ثانية من المرتزقة السوريين من فصائل «الجيش الوطني» الموالي لأنقرة مؤلفة من 250 مسلحاً لإرسالهم في مهمة قتالية إلى النيجر.

وأفادت مصادر إعلامية معارضة الأسبوع الماضي بانطلاق الدفعة الثانية من هؤلاء المرتزقة الذين تشرف الاستخبارات التركية على نقلهم إلى النيجر، وعددها 250 مسلحاً باتجاه تركيا.

 

وأوضحت أن مسلحي هذه الدفعة من فصيل «فرقة السلطان مراد» الموالي لأنقرة ومن المقرر بقاؤهم داخل الأراضي التركية للخضوع لدورة تأهيل معنوي ليتم بعد ذلك نقلهم عبر طائرة نقل إلى النيجر، على غرار الدفعة الأولى التي خرجت في 20 نيسان (أبريل) الفائت، ليصل بذلك عدد المرتزقة الذين توجهوا إلى النيجر حتى الآن إلى 550 مرتزقاً.

 

وشملت الدفعة الأولى مرتزقة من فصائل «فرقة السلطان سليمان شاه»، و«فرقة الحمزة»، و«فرقة السلطان مراد».

 

وتبدأ رحلة المرتزقة بالدخول إلى الأراضي التركية في كلس ومنها يتوجهون جواً في طائرات خاصة بالجيش التركي إلى النيجر عبر ليبيا أو الصومال، وبالربط بين الوجود العسكري التركي في كل من ليبيا والصومال والسودان، نجد أنّ النيجر تشكل حلقة مهمة في الوجود العسكري التركي غير الرسمي، لا سيّما أن تركيا باعت بعض المعدّات العسكرية للنيجر وبعض الدول الأفريقية الأخرى في إطار تعزيز وجودها في غرب أفريقيا وشمالها، وفق تقرير لموقع "عفرين بوست" السوري المعارض.

 

ومنذ الانقلاب العسكري في النيجر في تموز (يوليو) 2023، شهد المشهد الجيوسياسي في المنطقة تغييرات كبيرة، إذ باتت النيجر التي كانت تستضيف في السابق قواعد عسكرية فرنسية وأميركية، تعتبر شريكاً حاسماً في مكافحة "الإرهاب" في منطقة الساحل.

 

ومع ذلك، في أعقاب الانقلاب والانقلابات اللاحقة في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، تشير مراكز الأبحاث الغربية والتطورات على الأرض إلى أن روسيا انتهزت الفرصة لتوسيع نفوذها في المنطقة.

 

ووافقت السلطات الجديدة في النيجر على تعزيز التعاون الدفاعي مع روسيا في كانون الثاني (يناير) الماضي، بعدما طردت القوّات الفرنسيّة التي كانت موجودة على أراضيها في إطار مكافحة الإرهابيين في منطقة الساحل الأفريقية.

وفي 11 من نيسان (أبريل) المنصرم أفادت وكالة «نوفوستي» بأن الخبراء الروس وصلوا إلى النيجر لتدريب القوات الأمنية المحلية في مجال محاربة الإرهاب.

 

فتوى تحريم الارتزاق

ويبدو أن جدية المعلومات التي يجري تسريبها قد اضطرت بعض كبار علماء الدين المعارضين والمقيمين في مناطق سيطرة تركيا و"هيئة تحرير الشام" إلى إصدار فتاوى حول هذه القضية. وكان من أبرز هؤلاء الشيخ عبد الرزاق المهدي الذي يقود التظاهرات ضد أبي محمد الجولاني في إدلب. ورداً على سؤال حول جواز الذهاب إلى النيجر وغيرها للقتال هناك، أصدر المهدي فتوى موسعة ذكر فيها "أن الجهاد في أرض الشام أعظم الجهاد.. ونحن في جهاد دفع وهو فرض عين والعدو على تخوم إدلب المدينة..  فلا يجوز ترك ساحة الشام والذهاب إلى أي ساحة أخرى.. ومن يذهب لأجل المال فهو مرتزق وليس مجاهداً".