دراسة: تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي قد يزيد راتبك بنسبة تصل إلى 25%
أثيرت الكثير من المخاوف خلال المدة الماضية بشأن سلب الذكاء الاصطناعي الوظائف من البشر بعد الثورة التي نشهدها حاليًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومع ذلك كشفت بعض الدراسات الحديثة أن تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي أصبح عاملًا مهمًا في العديد من الوظائف، إذ يساهم في زيادة الرواتب وتحسين فرص العمل.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي بمنزلة الثورة الصناعية في العمل المعرفي، إذ يحدث تحولًا جوهريًا في طريقة استخدام الموظفين للمعلومات، واستخراج الرؤى، وتحقيق النتائج بسرعة. ولكن كيف يؤثر ذلك في الوظائف وطبيعتها؟
لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي في الوظائف، حللت شركة (برايس ووترهاوس كوبرز) PWC، بيانات أكثر من نصف مليار إعلان لوظائف في 15 دولة، وتمثل هذه الدول مجتمعة ما يصل إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وقد كشفت دراسة شركة (PWC)، التي تحمل عنوان: (مقياس وظائف الذكاء الاصطناعي) AI Jobs Barometer، أن الوظائف التي تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي توفر رواتب أعلى بكثير من الوظائف التي لا تتطلبها.
إذ وجدت الدراسة أن أجور الوظائف التي تتطلب امتلاك الشخص مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي كانت أعلى بنسبة تصل إلى 25% في المتوسط في الولايات المتحدة، مقارنة بالوظائف المماثلة في المجال نفسه التي لا تتطلب تلك المهارات. وقد بلغت هذه النسبة 14% في المملكة المتحدة، و11% في كندا.
وكانت الاختلافات واضحة بنحو خاص في بعض المهن، فقد يحصل المحامون في الولايات المتحدة الذين يتمتعون بمهارات الذكاء الاصطناعي على أجور أعلى بنسبة تبلغ 49%، كما يمكن أن تزيد رواتب المحللين الماليين بنسبة قدرها 33%، وذلك مقارنة بالعاملين في وظائف تقليدية مماثلة.
إليك النتائج الرئيسية لمؤشر وظائف الذكاء الاصطناعي 2024 من شركة PwC:
تشهد القطاعات المعرضة للذكاء الاصطناعي – أي التي تُستخدم فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي بسهولة – نموًا في إنتاجية العمل بأكثر من خمس أضغاف، ومن ثم يُساهم ارتفاع إنتاجية العمل في تنمية الاقتصاد ورفع الأجور وتحسين مستوى المعيشة.تجاوز نمو الوظائف التي تتطلب مهارات متخصصة في الذكاء الاصطناعي جميع الوظائف الأخرى منذ عام 2016 – حتى قبل أن يسلط روبوت (ChatGPT) الضوء من جديد على الذكاء الاصطناعي – حيث نما عدد الوظائف المتخصصة في الذكاء الاصطناعي بمعدل يبلغ 3.5 أضعاف أسرع من جميع الوظائف الأخرى.تتغير المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل بمعدل أعلى بنسبة تبلغ 25% في أكثر المهن قدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي. وحتى تظل تلك المهن مواكبة للتطورات، سيحتاج العاملون فيها إلى تطوير مهاراتهم أو إظهار مهارات جديدة.الذكاء الاصطناعي يقود ثورة في الإنتاجية:
تشير بيانات شركة (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي يُحسّن بالفعل من إنتاجية الموظفين، حيث تشهد القطاعات الأكثر تعرضًا للذكاء الاصطناعي نموًا في إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 5 أضعاف. ويُعدّ هذا النمو في الإنتاجية محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة، مما يجعل الذكاء الاصطناعي عاملًا إيجابيًا للدول التي تواجه نموًا بطيئًا في الإنتاجية.
كما يؤكد استطلاع رأي حديث أجرته شركة (PwC) للرؤساء التنفيذيين أن 84% من الرؤساء التنفيذيين الذين تبنت شركاتهم الذكاء الاصطناعي يعتقدون أنه سيُحسّن من كفاءة وقت عمل الموظفين.
ولا تقتصر زيادة الإنتاجية على القيام بالمهام القديمة بشكل أسرع، بل تشمل أيضًا إيجاد طرق جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي لصنع قيمة أعلى. كما توقع 70% من الرؤساء التنفيذيين أن يُغيّر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير الطريقة التي تنشأ بها شركاتهم القيمة وتقدمها خلال السنوات الثلاث المقبلة.
فوائد على جميع المستويات:
يتوقع الرؤساء التنفيذيون أن يقدم الذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة على مستوى الأرباح، إذ قال 46% منهم إنه سيُحسّن من الربحية، في حين قال 41% إنه سيزيد من الإيرادات.
كما يؤيد المستثمرون هذه التوقعات، إذ أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته شركة (PwC) للمستثمرين العالميين في عام 2023، أن نسبة تبلغ 61% من المستثمرين يعتقدون أن التبني المتسارع للذكاء الاصطناعي مهم جدًا أو مهم للغاية لصنع القيمة.
حلول لنقص العمالة ومهارات المستقبل:
يساعد الذكاء الاصطناعي في معالجة مشكلة نقص العمالة التي تواجهها العديد من الدول، إذ تشهد المهن المعرضة للذكاء الاصطناعي نموًا في عدد الوظائف، ولكن هذا النمو أبطأ من المتوسط بنسبة تبلغ 27%.
ويُعدّ هذا خبرًا إيجابيًا للدول التي تعاني من تقلص السكان في سن العمل ونقص القوى العاملة في العديد من القطاعات، إذ يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في سد هذه الثغرة من خلال أتمتة المهام الروتينية، مما يسمح للموظفين بالتركيز في المهام ذات القيمة المضافة.
ولكن لا يعني ذلك أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الوظائف، بل سيتغير نمط العمل ومهاراته، لذلك يجب على الموظفين التكيف مع سوق العمل المتغير من خلال بناء مهارات جديدة تتوافق مع متطلبات الذكاء الاصطناعي.
إذ أظهرت الدراسة وجود تراجع في شعبية المهارات التي يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها إلى حد ما، مثل: البرمجة بلغة جافاسكربت، في حين يزداد طلب مهارات أخرى مثل: المهارات التي يصعب على الذكاء الاصطناعي القيام بها، مثل وظائف المدربين الرياضيين أو وظائف إصلاح النظام البيئي.
وتظهر النتيجة النهائية أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة في سوق العمل، حيث يساهم في تحسين الإنتاجية وتغيير متطلبات نجاح الموظفين، ولكن يتطلب هذا التغيير من الموظفين والشركات على حدٍ سواء التكيف مع المهارات والتقنيات الجديدة لضمان النجاح في عصر الذكاء الاصطناعي.