جهود الهدنة تتعثّر... وواشنطن تنفي استخدام الميناء العائم لتحرير الأسرى الإسرائيليّين
أعلن الجيش الأميركي أنّه استأنف إيصال المساعدات الإنسانيّة لسكّان غزّة عبر الرصيف الموقّت الذي بنته الولايات المتحدة، نافيا أن يكون هذا الميناء العائم قد استُخدم لتحرير الرهائن الإسرائيليّين الأربعة من مخيّم النصريات في عمليّة قالت حركة حماس إنّها أسفرت عن سقوط أكثر من 210 قتلى فلسطينيّين.
وقال الجيش الأميركي إنّه سلّم عبر الميناء الذي أصلِح بعد تضرّره إثر عاصفة، ما يقرب من 500 طن من المساعدات الإنسانيّة "الأساسيّة" إلى 2,4 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة.
وذكر الجيش الأميركي في بيان أنّ "مرفق الرصيف الإنساني، بما في ذلك معدّاته وأفراده، لم يتمّ استخدامهم في عمليّات إنقاذ الرهائن اليوم (السبت) في غزّة. لقد استخدم الإسرائيليّون المنطقة الواقعة جنوب المرفق لإعادة الرهائن بأمان إلى إسرائيل. وأيّ ادّعاء بخلاف ذلك هو زائف. تمّ إنشاء الرصيف المؤقّت على ساحل غزّة لغرض واحد محدّد، وهو المساعدة في نقل المساعدات الإضافيّة المنقذة للحياة التي تشتدّ الحاجة إليها في قطاع غزّة".
كما نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون جنود أميركيّون قد شاركوا على الأرض في إطلاق سراح الرهائن، وذلك بعد تقارير صحافيّة بشأن دعم الولايات المتحدة لهذه العمليّة.
وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي لتلفزيون "المشهد"، "لم يكُن هناك أيّ جنود أميركيّون، ولا أيّ مشاركة أميركيّة على الأرض في هذه العمليّة".
وذكر الجيش في بيان أنّ الرهائن "حالتهم الصحّية جيّدة"، موضحا أنّهم خُطفوا من مهرجان نوفا الموسيقي خلال هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر).
وأضاف أنّ نوعا أرغماني (26 عاما) وألموع مئير (22) وأندري كوزلوف (27) وشلومي زيف (41) حرّروا خلال "عمليّة خاصة صعبة خلال النهار في النصيرات".
وهم من بين سبعة أسرى استعادتهم القوّات الإسرائيليّة أحياء منذ أن احتجز مسلّحون فلسطينيّون 251 شخصا رهائن خلال هجوم حماس على جنوب إسرائيل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنّ إطلاق سراح الرهائن دليل على أن إسرائيل لا تستسلم "للإرهاب".
وأظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي إسرائيليين على الشاطئ في تل أبيب يهتفون فرحا وهم يتلقّون نبأ إطلاق الرهائن.
"هذا الرعب يجب أن يتوقف"
وقال الجيش إنّ الرهائن نُقلوا إلى مركز طبّي قرب تلّ أبيب. وأعلنت الشرطة الإسرائيليّة مقتل أحد عناصرها أثناء مشاركته في تحرير الرهائن.
وأشارت حماس من جهتها السبت إلى أن 210 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 400 في هجمات إسرائيلية على مخيم النصيرات. ولم تتحدث حماس في بيانها عن إطلاق سراح رهائن.
وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي إنها "تشعر بارتياح" لإطلاق الرهائن، مبدية في الوقت نفسه أسفها لأن ذلك "تم على حساب مقتل ما لا يقل عن 200 فلسطيني، بينهم أطفال، وجرح أكثر من 400".
بدوره، شدد الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش عبر منصة إكس على أن "هذا الرعب يجب أن يتوقف".
وفي بيان، أكد زعيم حماس إسماعيل هنية من الدوحة أن "المقاومة ستستمر".
ورحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الأربعة، فيما أكد نظيره الأميركي جو بايدن السبت في باريس أن الولايات المتحدة "لن تستكين" قبل عودة "جميع" الرهائن.
"معجزة"
وأشاد منتدى أسر الرهائن بـ"انتصار" وصفه بأنه "معجزة"، حاضا الحكومة والمجتمع الدولي على تأمين إطلاق سراح الأسرى المتبقين.
وقبل الإعلان عن إطلاق الرهائن، قال الجيش الإسرائيلي السبت إنه استهدف "بنى تحتية إرهابية" في النصيرات، في حين تحدث شهود عن غارات شنتها مسيّرات ومروحيات على المخيم.
وأعلن الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى الأقصى في دير البلح، قرب النصيرات، مقتل 15 شخصا في "غارات إسرائيلية مكثفة" قال إنها خلفت أيضا عشرات الجرحى.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش ومقاتلين فلسطينيين في مخيم البريج ومخيم المغازي المجاور، وفق شهود.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه قصف "عشرات الخلايا والبنى التحتية الإرهابية، بما في ذلك نفق يقع في مبنى مدني" خلال عمليات في البريج ودير البلح.
ضربات على رفح
في الجنوب طال القصف مناطق عدة في مدينة رفح على الحدود مع مصر وفق مصادر محلية.
اندلعت الحرب إثر الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
خلال هذا الهجوم، احتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم محتجزين في غزة، بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 36801 شخصا في غزة، معظمهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
زيارة بلينكن للمنطقة
بينما تتعثر الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى هدنة، يتوقع أن يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع المقبل إسرائيل ومصر وقطر والأردن "للدفع باتجاه تطبيق وقف لإطلاق النار" أعلنه الرئيس جو بايدن في الآونة الأخيرة، حسبما قالت واشنطن.
ونقلت صحيفة "الوول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة على الملف أن قطر ومصر توعدتا مؤخرا مسؤولين في حماس بتوقيفهم وطردهم من الدوحة، حيث مقر الحركة، إذا لم يوافقوا على هدنة مع إسرائيل.
في إسرائيل، وبعيد الإعلان عن إطلاق الرهائن، ألغى بيني غانتس، القائد السابق للجيش الذي أضحى خصما سياسيا لنتنياهو، مؤتمرا صحافيا مساء السبت كان متوقعا أن يعلن خلاله استقالته من حكومة الحرب.
كان غانتس، زعيم حزب الاتحاد الوطني (وسط) قد أعطى نتنياهو مهلة نهائية في 18 أيار (مايو) وطالبه بـ"خطة" لما بعد الحرب في قطاع غزة وإلا فإنه "سيضطر إلى الاستقالة من الحكومة". غير أن نتنياهو حض عبر منصة إكس منافسه على عدم ترك حكومته، مشددا على أن الوقت الآن هو "للوحدة لا للانقسام".