إيطاليا بين "قذارة" ليبي والانتقام من سويسرا

إيطاليا بين "قذارة" ليبي والانتقام من سويسرا

سجل البديل زاكاني هدفاً بالدقيقة الثامنة من الوقت بدل الضائع للقاء إيطاليا وكرواتيا، وانفجر الفريق والمدرجات احتفالاً بإعلان التأهل رسمياً وتفادي صداع الدخول بحسابات أصحاب المركز الثالث، لكن المدرب لوتشيانو سباليتي لم يدخل المؤتمر الصحافي بعد اللقاء بصورة المنتصر، ولم يبدي أي علامات سعادة بأن زاكاني كان خياره للمشاركة بديلاً قبل أن يذهب ويسجل هدفه الدولي الأول بعمر 29 عاماً، بل استثمر المدرب المؤتمر للحديث عن أن "السموم تحيط بنا من كل جانب" على حد قوله، ملمحاً لوجود جاسوس داخلي يسرب خطط وتشكيلة الفريق، بعد أن علمت الصحف الإيطالية قبل المباراة بساعات أن المدرب سيبدأ بطريقة 3-5-2 للمرة الأولى بالبطولة وتحدثت سلفاً عن التغييرات التي سيجريها على التشكيلة بعد الخسارة من إسبانيا، أداءً ونتيجة، بهدف وحيد.

 

فكرة اللعب بثلاثي دفاعي بدت مطلباً إعلامياً وجماهيرياً، فمعظم كبار إيطاليا استعملوا هذه الطريقة خلال الموسم الحالي خاصة إنتر الذي يتواجد بصفوفه باستوني ودي ماركو اللذان شكلا نصف الخط الخلفي لإيطاليا في أول جولتين، بالتالي بدا هذا التحول منطقياً لحد كبير.

 

 

لكن المشكلة كانت بعملية التسريب ذاتها، ولو أن هذا ليس بالجديد على منتخب إيطاليا، فلطالما كان تاريخ المنتخب مليئاً بأشياء كهذه، والمفارقة هي أن واحدة من أشهرها كانت في مونديال 2006 الذي كان آخر بطولة كبرى ينظمها الألمان على أرضهم والتي فاز فيها أيضاً منتخب إيطاليا.

 

فبالعودة 18 عاماً للخلف نجد قصة غريبة تحدث عنها أندريا بيرلو بكتابه "أنا ألعب إذاً أنا موجود" وقال فيها أن مدرب المنتخب آنذاك مارتشيلو ليبي قال للاعبين بنهاية حصة تدريبية في المعسكر الاستعدادي أنهم مجموعة من القذارة وهو لا يفخر بتدريبهم ثم ترك الفريق بالملعب وخرج. كان ذلك قبل أيام فقط من بدء البطولة التي احتفل بنهايتها ليبي مع لاعبيه باللقب، ومن هنا نفهم فكرة أن إيطاليا تقاوم مشاكلها الداخلية دائماً وحتى حين يلعب المنتخب في ظل فضيحة تلاحق الكرة المحلية كما حدث في مونديالي 1982 و2006 فإن الفريق بالنهاية يبقى قادراً على وضع كل ما لديه بالملعب للفوز.

 

في 2024 يحتاج سباليتي لإيجاد طريقة يعزل بها اللاعبين عن المشكلة، والأهم هو أنه يحتاج لاختيار الطريقة الأنسب للعب، فالتحول لـ3-5-2 كان ضحيته أحد أبرز نجوم المنتخب كييزا الذي لا يمكن أن يلعب بمركز الجناح المتأخر مثل دي لورينزو الذي يلعب أساساً بمركز الظهير، ولولا تأخر المنتخب بالنتيجة وعدم تألق دي ماركو لم يكن من الممكن لسباليتي أخذ مجازفة إشراك نجم جوفنتوس بديلاً بالشوط الثاني، والمشكلة الأخرى هي أن، بديل سكاماكا، راسبادوري لم يتمكن من خلق محاولات حقيقية على المرمى وكان دوره مساعدة زملائه الذين كانوا يحتاجون للاعب داخل المنطقة رغم جودة الأداء الذي قدمه ريتيغي.

الحلول الهجومية لإيطاليا لا تبدو مثالية، فبعد شوط أول مليء بالمحاولات ضد ألبانيا، 13 تسديدة منها 5 فرص محققة، لم يسدد الطليان أكثر من 20 كرة خلال مباراتين ونصف، وهو ما لا يُعتبر معدلاً عالياً أبداً خاصة وأن أكثر الكرات خطورة كانت من كرات ثابتة خاصة حين يصعد باستوني للأمام ويتابع الكرة، مثلما فعل عند تسجيله هدف التعادل ضد ألبانيا.

 

الجيل الإيطالي الحالي ليس من الأجيال المثالية للمنتخب، لكنه أيضاً ليس أقل حالاً بكثير من الجيل الماضي الذي حقق لقب البطولة، مع فارق أن مانشيني لم يعد موجوداً، فالرجل كان يعُدّ أيامه مع المنتخب منذ أن حرمته سويسرا الصعود لصدارة المجموعة في تصفيات كأس العالم والتأهل بشكل مباشر للبطولة، قبل أن تكتمل الكارثة بالسقوط أمام مقدونيا في الملحق.

 

السويسريون هم من أكثر المنتخبات المتوسطة التي تلعب بثقة هائلة أمام الكبار، ويعرفون جيداً أن سجلّهم يخبرهم عن إقصاء حامل لقب كأس العالم 2018 باليورو الماضي 2020، وحرمان بطل يورو 2020 من الذهاب لكأس العالم 2022، والكل شاهد التماسك الكبير لفريق المدرب مورات ياكين الذي قدم مباراة كبيرة جداً أمام ألمانيا وأبدع بالضغط المتقدم الذي أجبر الألمان على ارتكاب أخطاء كثيرة بالخلف، وإحدى مشاكل إيطاليا الأساسية هي أن دوناروما، رغم تصدياته الرائعة، يرتكب أخطاء هائلة بالتمرير، وأمام فريق يلعب بهذا الشكل المتقدم ستصبح هذه التمريرات بمثابة الكارثة، عدا عن أن ذات الحال انطبق على لاعبي الخط الخلفي ضد كرواتيا.

 

وبالحديث عن الخط الخلفي، سيفتقد الطليان ضد سويسرا لخدمات قلب دفاع بولونيا الشاب كالافيوري \22 عاماً\ بسبب الإنذارات، فرغم تسجيله هدفاً عكسياً بلقاء إسبانيا كان اللاعب أحد أفضل مصادر الأمان بالنسبة للفريق منذ بداية البطولة وفقدانه سيكون مربكاً لحسابات سباليتي مع توقع استخدام جيانلوكا مانشيني مكانه، بالوقت الذي تتوقع فيه الصحف الإيطالية تغيير الثنائي الهجومي والبدء بكييزا وسكاماكا بالمقدمة بعد أن فقد اللاعبان مكانهما بالتشكيلة في المباراة الماضية.

 

على الطرف الآخر سيفتقد السويسريون لخدمات جناح ماينز المتأخر فيدمير، للإيقاف، ومن المتوقع أن يأخذ ستيرغيو مكانه بالوقت الذي يرمي فيه الفريق حمله الأساسي على الثنائية المميزة بين شاكا وفرويلر بالوسط، إضافة للتألق الدائم لحارسه يان سومر، خاصة مع وجود ثلاثي دفاعي خبير أمامه يضم فابيان شير وريكاردو رودريغيز ومانويل أكانجي.

أما جديد منتخب سويسرا خلال البطولة فكان تميز إيمبولو الذي شارك بديلاً بأول مباراتين ونجح بتسجيل هدف، وصنع الكثير من الخطورة، وإيمبولو لم يشارك إلا في 181 دقيقة طوال الموسم مع موناكو بسبب توالي الإصابات لكن يبدو أنه استعاد حساسيته الهجومية في اليورو ليقرر ياكين البدء به ضد ألمانيا، مع توقعات باستمراره أساسياً ضد إيطاليا أيضاً.

 

بين الرغبة في الثأر ممن أقصاهم من تصفيات مونديال 2022، بذكريات إهدار جورجينيو لركلة جزاء ذهاباً ومثلها إياباً، ورغبة السويسريين بفرض ذاتهم في بطولة أخرى يبدو أننا سنستمتع بلقاء افتتاحي مثير لدور الـ16 من أمم أوروبا مساء السبت بالمباراة التي يستضيفها الملعب الأولمبي في برلين اعتباراً من السابعة مساءً بتوقيت مكة المكرمة وبيروت.