متى يتحوّل الماء إلى خطر على الصحة؟

متى يتحوّل الماء إلى خطر على الصحة؟

يُعد الماء أساسياً لحياة الإنسان وصحته، إذ يُنصح عادة بشرب كميات كافية منه يومياً للحفاظ على الوظائف الحيوية. ولكن، قد يكون الإفراط في شرب الماء ضاراً، بل مميتاً في بعض الأحيان. في هذا التقرير، نستعرض حالة فرط الترطيب والتسمم المائي، ونبين الأعراض، الأسباب، والتدابير الوقائية.

 

يميل الناس إلى شرب كمية زائدة من الماء عندما يشاركون في أنشطة بدنية شاقة وفي تحديات شرب الماء، وفرط الترطيب هو حالة نادرة جداً، تحدث عندما يتناول الشخص كمية مفرطة من الماء خلال فترة زمنية قصيرة، ما يؤدي إلى اختلال توازن الكهارل في الجسم، خاصة مستويات الصوديوم. والتسمم المائي هو المرحلة الأكثر خطورة من فرط الترطيب، حيث تتسبب الزيادة الكبيرة في الماء في انخفاض مستويات الصوديوم في الدم إلى مستويات خطيرة، وهو ما يُعرف بـ"نقص صوديوم الدم".

 

فرط ترطيب أم تسمم مائي؟

إن خلايا الدماغ هي الأكثر عرضة للتأثر بتورم أو انخفاض مستويات الصوديوم. وإذا كان الشخص يعاني فرط ترطيب طفيف، فقد لا تظهر عليه أعراض أو قد يشعر بتعب خفيف أو تشتت. 

 

أما إذا شرب كمية كبيرة من الماء في فترة قصيرة، فقد يتحول من فرط الترطيب الطفيف إلى ما يعرف بالتسمم المائي. يحدث هذا عندما يكون هناك كمية زائدة من الماء في الخلايا، ما يتسبب في تورمها. وعندما تتورم خلايا الدماغ، فإنها تضغط على الدماغ، ما قد يتسبب في الشعور بالارتباك والنعاس والصداع. وإذا زاد الضغط، فقد يؤدي ذلك إلى حالات مثل ارتفاع ضغط الدم وتباطؤ ضربات القلب.

 

المضاعفات الخطرة

قد تؤدي بعض الحالات الصحية أيضاً إلى احتباس الماء وخفض مستويات الصوديوم في الجسم، وتشمل هذه الحالات فشل القلب الاحتقاني ومرض الكلى المزمن أو تضرر الكلى الذي يؤدي إلى صعوبة أكبر في توازن مستويات الصوديوم والماء في الجسم. كذلك يمكن أن يتسبب تليف الكبد في تراكم السوائل وتخفيف الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم، ومتلازمة الهرمون المضاد لإدرار البول غير المناسب (SIADH) حيث ينتج الجسم هرموناً يحتفظ بالماء بدلاً من إفرازه في البول، وقصور الغدة الكظرية (مرض أديسون) الذي يمكن أن يمنع الجسم من توازن مستويات الماء والبوتاسيوم والصوديوم. ويمكن أن تقلل هرمونات الغدة الدرقية عندما تكون منخفضة من مستويات الصوديوم في الجسم.

الأعراض والعلامات

واحدة من أفضل الطرق لتحديد ما إذا كانت كمية الماء كافية هي مراقبة لون البول الذي عادة ما يتراوح لونه من الأصفر الباهت إلى لون الشاي، فإذا كان البول شفافاً، فهذا دليل إلى شرب كمية زائدة من الماء في فترة قصيرة. علامة أخرى هي التبول أكثر من المعتاد، ففي المتوسط، يجب أن يتبول الشخص بين ست إلى ثماني مرات في اليوم. ويعتبر التبول حتى عشر مرات طبيعياً للذين يشربون كميات كبيرة من الماء أو الذين يشربون الكافيين أو الكحول بانتظام.

 

قد تشبه أعراض فرط الترطيب أعراض الجفاف، فعندما تكون كمية الماء زائدة في الجسم، لا تستطيع الكلى إزالة السائل الزائد. فيبدأ في التجمع في الجسم، ما يؤدي إلى الغثيان، القيء، والإسهال.

 

ومع تفاقم الحالة، يمكن أن تظهر الأعراض الأكثر خطورة مثل التشوش والارتباك نتيجة لتورم الدماغ، الضعف العضلي والتشنجات نتيجة لاختلال توازن الكهارل، صعوبة التنفس بسبب تراكم السوائل في الرئتين، والغيبوبة في الحالات الشديدة وقد تؤدي إلى الوفاة.

 

التشخيص والعلاج

يعتمد التشخيص على الأعراض والتحاليل المخبرية لمستويات الصوديوم في الدم. في حالة الاشتباه بالتسمم المائي، يتم اتخاذ التدابير الآتية:

- التوقف عن شرب الماء فوراً لتجنب تفاقم الحالة.

- استخدام مدرّات البول للتخلص من الفائض من الماء.

- تعويض الصوديوم بواسطة محاليل ملحية متساوية التوتر.

- المراقبة المستمرة لحالة المريض، وخاصةً وظائف القلب والكلى.

 

بينما يُعد الماء ضرورياً للحياة، يمكن أن يكون الإفراط في شربه ضاراً بشكل غير متوقع. فرط الترطيب والتسمم المائي حالتان يجب على الجميع أن يكونوا على دراية بهما، خاصة في ظل الأنشطة اليومية التي قد تتطلب شرب كميات كبيرة من الماء. من خلال الاعتدال والوعي يمكننا الحفاظ على توازن صحي ومنع المضاعفات المرتبطة بشرب كميات مفرطة من الماء.