إلى الشيخ الموسوي: هل تجرؤ أن تقول لحزب الله ما قلته للرئيس عون؟
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

لبنان يعيش على حافة الانهيار، لكنه ما زال يُنجب رجالًا يرفعون الصوت في وجه العتمة. من هؤلاء، رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي تجرأ وقالها بوضوح: لا نريد استنساخ تجربة "الحشد الشعبي" في لبنان.
كلمة حق أشعلت نارًا في بغداد. لا لأن فيها إساءة، بل لأنها عرّت واقعًا يخشاه البعض ويتاجر به البعض الآخر. الرد لم يأتِ من الحكومة العراقية، بل من رجل دين، الشيخ ياسين الموسوي، الذي شنّ هجومًا لاذعًا على عون، متهمًا إياه بالانخراط في "مؤامرة أمريكية إسرائيلية" لضرب قوى المقاومة.
لكن السؤال الجوهري الذي لا يجرؤ أحد على طرحه هو: هل كان الشيخ الموسوي سيملك الجرأة ليوجه الخطاب نفسه إلى حزب الله؟
هل كان سيخطب قائلًا: "سلّموا سلاحكم للدولة اللبنانية كما نطالب أن تخضع الميليشيات في العراق لسلطة الدولة"؟
أم أن السيادة في خطاب الممانعة لا تُطالب بها إلا خارج الحدود؟
ازدواجية فاضحة.
في العراق، يرفضون وجود فصائل لا تخضع للدولة.
في لبنان، يباركون الفصائل التي أكلت الدولة.
أي منطق هذا؟ وأي مقاومة هذه؟
صمت السلطات العراقية... وصمة
لكن الأخطر من رد الموسوي، هو صمت السلطات العراقية.
لم يصدر بيان رسمي يوضح الموقف، لا اعتذار، لا توضيح، لا محاولة لاحتواء الإهانة التي طالت رأس الدولة اللبنانية.
هل تقبل بغداد أن يُهان رئيسها من رجل دين لبناني دون رد؟
فلماذا يصمت العراق حين يُمس كرامة لبنان؟
أم أن السيادة لا تُصان إلا حين تتعلق بدول أخرى غير لبنان المنهك؟
ما قاله عون لا يستحق هجومًا، بل يستحق وقفة تأمل.
الرجل رفض تحويل لبنان إلى ساحة ميليشيوية جديدة، كما هو حاصل في العراق.
هل هذه "مؤامرة"؟ أم أنها شجاعة سياسية نفتقدها في زمن الصفقات والانبطاح؟
من بيروت إلى بغداد: لسنا حقل تجارب
لبنان لا يريد حشدًا شعبيًا. لا يريد مقاومة تُقاوم الدولة.
يريد جيشًا واحدًا، قرارًا واحدًا، وسلاحًا واحدًا.
من يرفض هذا المنطق، فليشرح لنا ما هو "البديل الحضاري"؟
دولة داخل دولة؟
حزب خارج الشرعية؟
سلاح بلا محاسبة؟
هل هذه أوطان أم معسكرات انتظار؟
كلمة أخيرة إلى الشيخ الموسوي:
حين تملك شجاعة أن تُطالب حزب الله بتسليم سلاحه للدولة كما تُطالب بعدم الإساءة للحشد الشعبي،
حين تتحدث عن وحدة المؤسسات لا عن قدسية الفصائل،
حين تضع كرامة لبنان فوق حسابات المحاور...
... عندها فقط سنعتبرك صوت مقاومة حقيقية، لا صوت انتقائي يُخضع السيادة لمزاج الطائفة والسلاح.
أما اليوم، فصمتك عن ميليشيا الداخل، وهجومك على رئيس الدولة، لا يساويان أكثر من ورقة تُحرّق في خطاب مزدوج لا يحترم لا لبنان ولا العراق.