لبنان يتحرر: كيف أصبح حزب الله عبئًا على الطائفة الشيعية ومستقبل الدولة
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

في قلب لبنان، وعلى مدى أربعة عقود كاملة، فرض «حزب الله» سيطرته على الطائفة الشيعية، مقدماً نفسه كدرع يحميهم من التهميش، ويرفع شعار الكرامة والدفاع عن الحقوق. لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الحزب نجح في استخدام هذه الطائفة كأداة رئيسية لخدمة أجندات «ولاية الفقيه» في طهران، محولًا أبناءها إلى وقود لحروب لا علاقة لهم بها، وحاجزًا أمام استقلال القرار اللبناني.
اليوم، لم يعد السؤال عن دور «حزب الله» في حماية الشيعة، بل عن مدى تورطه في إبقاء لبنان رهينة لمشاريع خارجية تقوده نحو العزلة والانهيار. فهل لا يزال الحزب يمثل خيار المقاومة؟ أم أنه بات أداة لتنفيذ أجندة إقليمية لا تعبأ بمصلحة لبنان؟
مؤخراً، سجّلت الطائرات الحربية الإسرائيلية حضورها في مشهد استثنائي خلال جنازة حسن نصر الله و هاشم صفي الدين. هذه الإشارات لم تكن مجرد استعراض قوة، بل كانت رسالة مباشرة إلى الحزب مفادها: "اللعب بالنار يعني دفع الثمن فورًا."
إسرائيل، التي لطالما اعتبرت «حزب الله» تهديدًا استراتيجيًا، باتت الآن تتخذ موقفًا لا رجعة فيه: لا مكان لقوة عسكرية على حدودها الشمالية تهدد أمنها. تل أبيب مستعدة لخوض المواجهة، حتى لو تطلّب الأمر كسر جميع الخطوط الحمراء السابقة.
وفي ظل هذا التصعيد، تتضح ملامح استراتيجية إقليمية جديدة، إذ يبدو أن إيران ستُجبر قريبًا على إعادة حساباتها، خاصةً في ظل الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي وأطماعها التوسعية.
بعيدًا عن التصريحات النارية والخطابات الحماسية المعتادة، تظهر مؤشرات على أن الحزب بدأ يتقبّل ببطء الواقع الجديد. فقد صرّح نائب الأمين العام، نعيم قاسم، بأن المواجهة مع إسرائيل ستتم عبر القنوات الدبلوماسية. هل هذا تراجع حقيقي أم مناورة سياسية؟
التغيّر في اللهجة يكشف عن إدراك داخلي بأن استمرار السياسات القديمة سيؤدي حتمًا إلى مزيد من الخسائر على الساحة اللبنانية. وفي خطوة قد تُعتبر تاريخية، أشار الحزب إلى استعداده للعمل تحت سقف «اتفاق الطائف»، وهو ما قد يعني قبولًا غير مباشر باللعبة السياسية اللبنانية بعيدًا عن منطق السلاح.
الخلاصة: هل اقتربت نهاية مشروع «حزب الله»؟
الوضع الحالي يطرح سؤالًا مصيريًا: هل يكتب التحوّل الإقليمي والدولي نهاية «حزب الله» كما نعرفه؟
المعادلات تتغير بسرعة، وإيران تخسر أوراقها تدريجيًا في المنطقة. أما لبنان، فقد يكون على أعتاب مرحلة جديدة، إما الاستقلال الحقيقي عن النفوذ الخارجي، أو الغرق أكثر في مستنقع الصراعات الإقليمية.
الكرة الآن في ملعب اللبنانيين: إما أن يستعيدوا زمام القرار السياسي وينهوا هيمنة السلاح غير الشرعي، أو يواصلوا دفع ثمن سياسات لا تعبّر عن إرادتهم.