من يملأ مقعد الحريري؟ بيروت تترقّب القرار السعودي
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

مع اقتراب الانتخابات البلدية في لبنان، تتجه الأنظار مجدداً إلى بيروت، ليس فقط كمركز تنافسي انتخابي، بل كمرآة لتحولات أعمق تطال موقع الزعامة السنية، التي لطالما تبوأها الرئيس سعد الحريري لعقود. فبعد سنوات من الغياب الطوعي والإقصاء غير المعلن، تعود الأسئلة إلى الواجهة: هل انتهى زمن الحريري؟ ومن سيملأ مقعده الشاغر؟ الأهم من ذلك، إلى أين تتجه البوصلة السعودية في هذا المشهد المتغيّر؟
المعلومات المتقاطعة من مصادر سياسية وإعلامية تؤكد أن المملكة العربية السعودية لم تعطِ حتى الآن الضوء الأخضر لأي عودة مباشرة أو غير مباشرة لتيار المستقبل أو رموزه، في مشهد يعكس حرصاً بالغاً على إعادة ترتيب البيت السنّي بخطوات مدروسة. إحدى هذه المحاولات تمثّلت في طرح اسم أحمد هاشمية، المعروف بحضوره الاجتماعي وعدم ارتباطه تنظيمياً بالتيار الأزرق، إلا أن تحركاته توقفت عند خطوط غير مرئية، ربما تنتظر قراراً سعودياً أكثر وضوحاً.
السعودية، التي لطالما لعبت دوراً محورياً في حماية الاستقرار اللبناني، تبدو اليوم في موقع مراقبة وتقييم، لا عزوف أو قطيعة. فالمشهد السني في لبنان يعيش مرحلة انتقالية، والسؤال لم يعد فقط حول من يترشح، بل كيف تُصاغ هوية الزعامة المقبلة، ومن يملك شرعية التمثيل في ظل انقسامات داخلية وضغط إقليمي واسع. وبينما يعمل سياسيون كالرئيس نجيب ميقاتي والنائب نبيل بدر على ملامسة نبض الشارع السني بعروض توافقية، فإن الترقب الشعبي يبقى معلقاً على موقف الرياض، التي لم تفصح بعد عن نواياها المستقبلية، لكن إشاراتها تُقرأ بتمعّن.
في هذا السياق، تبرز السعودية لا كطرف خارجي، بل كمرجعية إقليمية تحمل مفاتيح التوازن، وربما إعادة البناء. فهل نشهد قريباً ولادة مرحلة جديدة تُعيد لبيروت وزنها السياسي؟ أم يبقى مقعد الحريري شاغراً حتى إشعار آخر؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن الثابت أن بيروت اليوم لا تكتفي بانتظار الانتخابات... بل تنتظر قراراً من الرياض.