لبنان بين السلاح والانهيار: هل تنتصر الوحدة الوطنية؟
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
في ظل الأزمات المتفاقمة التي تعصف بلبنان، بات الحفاظ على الوحدة الوطنية واجبًا مصيريًا لا يمكن التغاضي عنه. لبنان، بتركيبته الفريدة وتعدده الثقافي والطائفي، يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الالتفاف حول مفهوم الدولة الواحدة التي تحتضن جميع أبنائها دون تمييز.
لبنان لا يمكنه احتمال المزيد من الانقسام أو الصراعات الداخلية. التعدد الطائفي يجب أن يكون مصدر غنى وتعايش، لا أداة للتفرقة أو إثارة الفتن. على اللبنانيين أن يدركوا أن قوة بلادهم تكمن في تضامنهم، وأن أي انقسام يعرض الوطن لخطر الانهيار الكامل.
من أبرز التحديات التي تواجه لبنان اليوم هي قضية السلاح خارج إطار الدولة. إن وجود قوى مسلحة خارج سيطرة الجيش اللبناني يشكل تهديدًا مباشرًا لسيادة الدولة واستقرارها. حزب الله، كقوة عسكرية، مطالب اليوم بالتحول إلى حزب سياسي بالكامل، يعمل ضمن الإطار المؤسساتي للدولة، بما يساهم في تعزيز الأمن الوطني. لا يمكن للبنان أن يبنى على أسس متينة إلا إذا كان السلاح بيد الجيش اللبناني وحده، باعتباره الجهة الشرعية الوحيدة القادرة على حماية الوطن.
انتخاب رئيس جديد للجمهورية أصبح خطوة ملحة لإعادة تفعيل عمل المؤسسات، إلى جانب تشكيل حكومة تمتلك كامل الصلاحيات لتلبية تطلعات الشعب وإعادة ثقة المجتمع الدولي. هذه الحكومة يجب أن تلتزم بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، خاصة القرار 1701، واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف كإطار يعزز الوحدة الوطنية ويعيد هيكلة النظام السياسي بما يضمن عدالته واستدامته.
العنف والدمار اللذان عاناهما لبنان على مدى السنوات الماضية أثبتا أن لا حلول تأتي من السلاح أو الصراع، بل من الحوار والتفاهم الوطني. لبنان بحاجة إلى تركيز الجهود على إعادة الإعمار وتحقيق المصالحة الوطنية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية.
لبنان اليوم يقف أمام خيارين: الوحدة الوطنية أو التفكك والانهيار. مستقبل الوطن يعتمد على قدرة أبنائه على تجاوز الخلافات وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية. احترام سيادة الدولة، دعم المؤسسات الشرعية، ونبذ الطائفية هي الركائز الأساسية التي يمكن من خلالها بناء لبنان جديد، قوي ومستقر. لبنان يستحق منا التضحية والعمل الجماعي من أجل غدٍ أفضل.